ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ... طباعة

سعدي يوسف

في ليالي الشمالْ

في ليالي الشمالِ الشحيحةْ

أتطلّعُ من شِبْهِ منفرَجٍ في الستارةِ :

لا أبصِرُ الغابةَ

( الغابةُ  الآنَ نائمةٌ )

غيرَ أني أسيرُ ،كما يفعلُ السائرون وهم في المنامِ

وبعدَ دقائقَ ، أبْلُغُ منحدَرَ التلِّ

أهبِطُ منحدَرَ التلِّ

نحو البُحَيرةِ  ...

يا صورةً للفتاةِ التي لم تزلْ تترقرقُ في الماءِ !

يا صورةً للهناء...

*

في ليالي الشمالْ

في ليالي الشمال الطويلةْ

أتساءلُ عمّا أتى بي هنا

أتساءلُ عمّنْ أتى بي هنا ...

لستُ من هذه الأرضِ :

لا الشجرُ الفظُّ من شجري

والطيورُ التي تتخافَقُ حوليَ ليستْ طيوري .

ثمّ هذي الوسادةُ !

في البصرةِ ، الريشُ ينبِضُ تحت الرؤوسِ الرخيّةِ

أمّا هنا ،

فاللدائنُ تحتَ الرؤوسِ

اللدائنُ تغدو الرؤوس !

 

*

في ليالي الشمال

في ليالي الشمال العميقةْ

 

يظهرُ النجمُ أوضحَ

بل يظهرُ النجمُ كالدّهْياءِ

أنت هنا

أسيرُ  مَن كنتَ ، في الظلْماءِ ، تعرفهم ، أسرى لديكَ ...

أتذْكرُ ؟

لا

لا

لستَ تذكرُ حتى لو خبطْتُ رأسَكَ بالنعْلِ !

انتهتْ  ، أخبارُنا ، أبداً :

لقد محَوْتَ ، كما تُمحى العشيّةَ ، أنتَ َ!

أنتَ محَوتَ ما ليسَ يُمحى.

قد محوتَ بجَرّةِ القلمِ القميءِ

لواءَنا المكظومَ في أهدابِنا :

كُوْتَ العمارةِ  ...

والسّيوفَ الـمُسْلَماتِ

وذلكَ الجنرالَ  ، ذاك الإنجليزيَّ.

............

............

............

السماءُ الآنَ تَبْيَضُّ ؛

الصباحُ مؤجّلٌ

وأنا الشريد ، أُرِيحُ رأسي

غير أنّ وسادتي ليست من الريشِ

الوسادةُ من لدائنَ ...

والصباحُ مؤجّلٌ أبداً

ونافذتي صقيعْ !

 

لندن 09.12.2017

اخر تحديث السبت, 09 دجنبر/كانون أول 2017 20:08