سـعدي يوسـف تقومُ الليلَ ، أوكتافيا ، قياماً وتهجرُني إذا طلَعَ الصباحُ أحاوِلُ مُهْرةً ، فتروغُ طيراً وألمُسُ جمرةً ، فالروحُ راحُ على قَسَماتِها ضوءٌ وظِلٌّ وتحتَ ثيابِها قصصٌ مِلاحُ تظلُّ تطوفُ في الحاناتِ حتى تقولَ الكأسُ : أينَ بنا يُراحُ ؟ *
بينَ السادسةِ ، الصبحَ والسادسةِ ، المغربَ تُمْضي أوكتافيا يومَ العملِ القاسي في إحدى الحاناتِ تقدِّمُ خمراً وتُعِدُّ شطائرَ أو تضغطُ قهوةَ إكسبرَسّــو... أحياناً تخرجُ من خلفِ الكونتوارِ لتوصِلَ فنجاناً أو كأساً ( ربُّ العملِ المتحفِّزُ كان يهوديّاً ) ... * و أوكتافيا ترى العسلَ المصَفّى بكأسٍ مِلؤها ماءٌ قُراحُ إذا سكِرَ الزبائنُ قدّمَتْها لهم ، جرَساً ، فراحوا واستراحوا أراقبُها على بُعْدٍ ، مكاني بأقصى الحانِ ، أسمعُ ما يُتاحُ فإنْ حلَّ المساءُ دنوتُ منها لأصحبَها ، فتصحبني الرياحُ كأنّ شميمَها راووقُ خمرٍ تكدَّسَ في حوافيهِ الأقاحُ ! * تخرجُ من حانتِها ( حيثُ العملُ المأجورُ ) لتدخلَ في أُولى حاناتِ الشارعِ؛ لكنّ لأوكتافيا ، الآنَ ، الأُبَّهةَ الـمُثْـلى ... تختارُ لنا طاولةً تجلسُ ، عنقاءَ ، وقد وضعتْ في بهجتِها الساقَ على الساقِ وتوميءُ كي تأتيها ساقيةٌ تطلبُ ما تطلبُ ... تغمزُ لي : هاأنذا حُرَّةْ !
|