أربــعُ قصائـــد طباعة
ســعدي يوســف

ثلاثةُ ثعالبَ تلعبُ  فــي ضوءِ القمرِ

في الساحةِ الخلفيّةِ الخضراءِ للمبنى
( وأعني الـمَـلـجأَ البلديَّ حيثُ أعيشُ )
كانت فضّـةٌ تَـنْـهَــلُّ من بَدْرٍ حقيقـيٍّ
( كما في الرسمِ أو في السينما )
حتى كأنَّ الليلَ قُطـبِــيُّ النهارِ
وأننا في سينما صيفيّــةٍ ...
والعشبُ ، حتى العشبُ ، يلمعُ في بياضٍ أخضــرَ
الأشجارُ نائمةٌ على أغصانِها الـعُريانةِ ،
الليلُ الذي أحْـياهُ منتصِفٌ ،
وأســمعُ صيحةً مجهولةً من طائرٍ  ...
..................
..................
..................
في بغتةٍ
في لحظةٍ بيضاءَ
في نُعْـمَـى مبارَكةٍ
 رأيتُ ثعالباً يلعَـبْــنَ تحت شُـجَــيــرةٍ تتوسَّطُ البستانَ
قد كنتُ اتَّـرَكْتُ لهنّ زاداً في المســاءِ .
طَـعِـمْــنَــهُ ،
وتركْــنَ صحني فارغاً ، متألِّــقــاً ، في نورِ بستانيّ الســماويّ .
الثعالبُ كُنَّ يلعَـبْــنَ
السماءُ خفيضةٌ
والأرضُ بيضــاءُ ...

لندن 30.01.2010

الشيوعيّ الأخيرُ ، محرِّرُ بغداد

عشرونَ ألفاً من بساتينِ السماوةِ
أقبَلوا متدافِعينَ
ومن غِياضِ الكوتِ ...
كانوا يحملونَ بنادقَ البَرْنو
ويستبقونَ سيّاراتِ " لادا " من ذواتِ الـمَـبْـدَلِ اليدويّ
والدَّفْعِ الرُّباعيّ ...
الغبارُ يشوِّشُ الآفاقَ
والراياتُ حُمْــرٌ ، لا تكادُ تُرى  من النقْعِ الـمُـثارِ .
الفجرُ لَـوَّحَ
والهتافُ :
تعيشُ بغدادُ !
الشيوعيُّ الأخيرُ هنا ...
الشيوعيّونَ جاؤوا
حَـرَّروا بغداد !

لندن 28.02.2010

زرادَشــت

سيوقِدُ أكرادُ " عَـقْـرةَ " نيرانَهم في رؤوسِ الجبالِ ، كما كان يفعلُ دوماً زرادشــةُ
الكُتُبِ . النارُ في القممِ . النارُ في البيتِ ، وابنُ الـمُـقَـفَّـعِ  في البيتِ كانَ يُزَمْزِمُ .
أكرادُ " عَقْرةَ " كانوا زرادشــةً يرقصونَ ، وقد أوقَدوا نارَهم في رؤوسِ الجبــالِ .
يقولونَ : دِينٌ أتى جَبَّ ما قبلَــهُ . ربّما ...
غيرَ أني أُطالِعُ ناراً على جبَلٍ.
وأُتابِعُ أَقدامَ مَن يرقصونَ.
الفساتينُ أَفْوافُ وَرْدٍ
وتلك السراويلُ خفّاقةٌ والغصون.
.................
.................
.................
في ربيعِ البراري زرادشــةٌ يرقصون .

لندن 21.03.2010

قلانسُ ياسـَـمين

في ليالي الشتاءِ الطويلاتِ
إذْ يسقطُ الثلْجُ ...
أُقْصِي قليلاً ستارةَ غرفةِ نومي ، وأنظرُ عبْرَ الحديقةِ  حيثُ البياضُ الـمُـقِيمُ ،
أُتابِعُ مَرأى البحيرةِ في الـبُعْدِ
بينَ الجذوعِ التي تلبسُ الآنَ لونينِ :
بُــنّـاً
وأبيضَ .
أعرِفُ أني وحيدٌ
وأني هنا بين مَن لن يكونوا ليَ الأهلَ ،
لكنني أستريحُ إلى ذلك النورِ إذ يتخافقُ في نقطةٍ لا أُحَدِّدُها من فضاءِ البحيرةِ
ربّتَما كانت النارُ نارَ القواربِ
أو خيمةِ العاكفينَ على وهْـمِ أسماكِهم .
........................
........................
........................
يسقطُ الثلجُ.
أُغمِضُ عينيَّ.
تأتي الغزالةُ من آخرِ الدَّغْلِ ،
يتبعُها راقصونَ بأرديةٍ من حرائرَ صينيّةٍ
وطبولٍ
وسَبْعِ قلانسَ من ياســمين .

لندن 18.12.2009
 
اخر تحديث الإثنين, 22 مارس/آذار 2010 14:53