رُباعيّة |
سعدي يوسف (1) أنتَ في النهرِ ... أبناءُ خالتِكَ استقدموا زورقاً ، ليبيعوا بيوتَ الضفافِ ، العِنَبْ . إنّ تلكَ الـمُـسَنّاةَ كانت لهم . أنت تذكرُ في عطلةِ الصيفِ ، أنكَ تقفزُ منها إلى القاعِ ، كي تتلامسَ في لحظةٍ بالسلاحفِ . أبناءُ خالتِكَ ، الآنَ ، في عتْمةِ الليلِ ، يأتونَ في زورقٍ ... إن أبناءَ خالتِكَ ، الآنَ ، عندكَ ، في قريةٍ بالشمالِ الغريبِ ، الشمالِ الشماليّ حيثُ يُجاورُكَ الإنجليز . (2) أنتَ في البحرِ ... واللاذقيّةُ تنأى ، بأشجارِها ، والمقاهي الأليفةِ ، والفتَياتِ الأميراتِ ، أنتَ الـمُـوَكَّلُ بالبَرِّ تذرعُهُ ، صرتَ في شِرْعةِ البحرِ . هل كانت الأرضُ أرحمَ ؟ في اللحظةِ الصِّفْرِ هذي ، تناءَيتَ عمّا يشدُّكَ بالنخلِ والمنزلِ الأوّلِ . الآنَ ... كلُّ الخرائطِ مفتوحةٌ ، وهي مقروءةٌ في يدَيكَ ... إذاً ، قُلْ وداعاً لها ، قُلْ وداعاً لطرطوسَ واللاذقيّةِ ؛ ولْتنطلِقْ في العراءْ . (3) أنتَ في السهلِ ... وهرانُ تنأى عن البحرِ ، ناعمةً ، ومُنَعّمَةً بالكرومِ ، الحقولُ الكريمةُ تلكَ التي منحتْنا النبيذَ ومائدةَ الأهلِ ، تمتدُّ حتى تُجاوِرَ ما كانَ صحراءَ ، بين الجزائرِ والمغربِ . الآنَ تذكرُ أنك أمضَيتَ في السهلِ سَبْعاً ، وأنك فتّحتَ للروحِ نبعاً . ستذكرُ تلكَ الأغاني التي كنتَ تسمعُ في حانةٍ لقدامى الجنودِ من الفرقةِ الأجنبيّةِ . وهرانُ كانت لكَ البيتَ ، حيثُ امتلكتَ بها الصوتَ ، حيثُ افترعتَ الحياةَ وحيثُ ابنتاكَ الرياحينُ ، شيرازُ ، مريمُ ، قد جاءتا ! (4) أنتَ في التلِّ ... في مُرتقى التلِّ ، في قمّةِ التلِّ . قيلَ : الوقوفُ على التلِّ مَثْلَبةٌ ... ربّما في السياسةِ ، وهي المَثالبُ في القاعِ أو في اليَفاعِ . ولكنني أتحدّثُ عن سيّدٍ اسمُهُ سعدي يوسف ، إذ يرتقي التلَّ. يمضي مع العَصَوَينِ ، ويقطعُ شارعَهُ نحوَ ممشى الكنيسةِ ، حيثُ الـمَـراقي إلى التلِّ ... يصعدُ سعدي ، ويصعدُ . في بغتةٍ سوفَ يبْلغُ قمّتَهُ : الآنَ ، تبدو سطوحُ المنازلِ ، والقريةُ المطمئنّةُ . والآنَ يعرفُ أنّ الـمَراقي تليقُ ، وأنّ الذي لم يحاولْ بُلوغَ الـمَراقي سيلفظُ أنفاسَهُ في المضيقْ !
لندن في 21.01.2021
|