تحت جداريّة فائق حسن طباعة

سعدي يوسف

تطير الحمامات في ساحة الطيران. ارتفعنا معا.. في سماء الحمائم.

قلنا لسعف النخيل وللسنبل الرطب…

هذا أوان الدموع التي تضحك الشمس فيها، وهذا

أوان الرحيل إلى المدن الفاضلة.

يقول المناضل: إنا سنبني المدينة.

تقول الحمامة: لكنني في المدينة.

تقول المسيرة: دربي إلى شرفات المدينة

تطير الحمامات في ساحة الطيران.البنادق تتبعها,

وتطير الحمامات. تسقط دافئة فوق أذرع من جلسوا

في الرصيف يبيعون أذرعهم.

يقول المقاول جئنا لنبقى , تقول الحمامة هل قال حقا

يقول النقابي ان السواعد ابقى

للحمامة وجهان:

وجه الصبي الذي ليس يؤكل ميْتاً, ووجه النبي

الذي تأكله خطوة في السماء الغريبة.

قلنا لسعف النخيل وللسنبل الرطب:هذا أوان

الدموع التي تضحك الشمس فيها

يدور المحرك، ينفث في ساحة الطيران دخانا ثقيلا

, ويترك بين الحمائم والشجر المتيبس رائحة من شواء غريبة

تطير الحمامات في ساحة الطيران. تريد جدارا لها

ليس تبلغ منه البنادق أو شجرا للهديل القديم

بنينا ملاذا لنا، وغصونا تنامين فيها ونحن هنا في الرصيف

يا بلاد البنادق

إن الحمامات مذبوحة، والجدار الذي قد بنيناه بيتا وغصنا،

ينز دما أسودا، ويهز يدا مثقلة.

وقلنا لسعف النخيل وللسنبل الرطب: هذا أوان

الدمـوع التي تضحك الشمس فيها، وهذا أوان

الرحيل إلى المدن المقبلة.

ولكننا يا بلاد البنادق كنا صغارا، فلم نلتفت

لإله الجنود، ولم نلتفت للحقائب مثقلة

… نحن كنا صغارا… أقمنا جدارا ونمنا على مضض،

وطني، زهرة للقتيل، وأخرى

لطفل القتيل، وثالثة للمقيمين تحت الجدار.

اخر تحديث الأحد, 27 أكتوبر/تشرين أول 2019 20:32