سُوْنَيتاتُ الجزائرِ الخَمسُ طباعة

سعدي يوسف

 

سِيْدِي بِلْعبّاس

 

سِيْدي بِلْعبّاس ، كانت وطني

عندما طوَّحَ بي رملُ العراقْ

كأسُها عنقودُها إذْ ينحني

والحقولُ الطِّيْبُ ، والليلُ اعتناقْ

*

قلعةُ الرومان في تلْعَتِها

تحرسُ الوادي ، وتسمو في السماءْ

وكأنّ الطّيرَ من هيبتِها

فقَدَ الريشَ خفيفاً والغناءْ

 

*

سِيْدي بِلْعبّاس ، ظلّتْ مَوطني

وحنيني المحضَ كالأندلُسِ ...

يا زمانَ الوصْلِ ، دعني أغتني

بالنبيذِ الوردِ ، دعْني أحتسي !

*

سِيْدي بِلْعبّاس ، يا أبهى وَلِي:

دمعتي ممزوجةٌ بالقُبَلِ ...

 

لندن  04.03.2018

 

حُسين داي 1964

Cite' Universitaire

 

كنتُ  عندَ " حُسين داي " في غرفةٍ عاريةْ

كان ذلكَ ، آنَ أتيتُ الجزائرْ

هارباً من بنادقَ ، لم أدَّرِكْ ما هيَ ...

في عراقٍ ، بلا مُدُنٍ ، أو ضمائرْ .

*

في " حسين داي " كانت عيونُ الصباح

تتفتّحُ : كان الحليبْ

ساخناً في الشوارعِ ، في العرَباتِ ، وكان الصباح

ناعماً ، مثل خدِّ الحبيبْ

*

هل أُصَلِّي ، صلاةَ الـمُسافرِ ، كي أستعيدْ

أرَجاً للحديقةْ ...

هل  ، عليَّ ، هنا ، أن أُعِيدْ

كلَّ يومٍ هنالكَ ؟ كلَّ دقيقةْ ؟

*

للجزائرِ ، تلك التي آمَنَتْني ، سلامْ

للنبيذِ الذي يتخثّرُ في الكأسِ ، أو  يتبخترُ في طبَقاتِ الكلامْ.

 

09.03.2018

 

كاثدرائيّةُ مَغْنِيّة ( بالغرب الجزائري )

 

كاثدرائيّةُ   " مَغْنِيّةَ " ، لا تعرفُ ما تفعلُ

فهيَ ، الآنَ ، المسجدُ ...

لكنّ الكاثدرائيّةَ لا تعملُ

بالقانونِ  : تظلُّ ( كما كانت) لا تسجدُ !

*

في " مَغْنيّةَ " كان فرنسيّون

كانوا الأقدامَ السُّود  ...

كانوا مثل ضِباعِ الدّغْلِ يصولون

حتى ارتفعتْ راياتُ الثورةِ ، والْتَأَمَ الأُخدودْ

*

لكنّ بــ " مَغْنِيّةَ " كاثدرائيّتَهُم ، تتعالى

والكاثدرائيّةُ لا تعرفُ كيف تُصَلِّي

حتى لو علّقتَ بها نجماً وهِلالا  ...

هي مُشْرِكةٌ ، مِثلي !

*

في أعوامِ مُقامي  السبعةِ في " سِيْدي بِلْعبّاس "

كنتُ أرى الكاثدرائيّةَ ليس كما كان يراها الناسْ !

 

لندن 09.03.2018

 

الطّاهر وطّار

 

أجيءُ إليه ، في رمَضانَ ، مُضْنى

يبيسَ الحَلْقِ من سفَرٍ بعيد ...

فيفتحُ بابَهُ ، ويقولُ : دعْنا

نرى رمَضانَ مصطفِقَ البُنودِ !

*

كأنّ نبيذَه الورديَّ ورْدٌ

وثلْجٌ ، آنَ تستعرُ النفوسُ

أقولُ له : كأنّكَ لا تَرُدُّ

على قومٍ لهم عَيْنٌ تجوسُ ...

*

ويهمسُ ضاحكاً ، وطّارُ : سعدي!

أتعرفُ ؟ نحنُ أدرى بالمعاني ...

دع الغوغاءَ في أخْذٍ و رَدِّ

ودعْنا سائرينَ مع الأغاني !

*

سلام الله ، يا وطّارُ ، ألْفا

وألفاً للنبيذِ ، غِنىً ووصْفا !

 

لندن 09.03.2018

 

تِلِمْـسان

 

الأتراكُ أقاموا في هضَباتِ تِلِمْسانَ طويلا

لم يزدرِعوا شِبْرا

من أرض الوادي تُفّاحاً ونخيلا

لكنّهمو عصَروا خمرا ...

*

وتِلِمْسانُ ، معسكرُهم ، نِسْوَتُها مَحْظِيّاتْ

والغِلمانُ الشُّقْرُ لهُم

كان معسكرُهم يفترِعُ الهضَباتْ

ودروبُ تلِمسانَ تضِجُّ بهم .

*

آنَ أُسافرُ ، من " سِيْدي بِلْعبّاس " إلى المغربْ

تبدو لي هضَباتُ تِلِمسانَ غريبةْ

سِيْدي بِلعبّاس هي المنبسَطُ الـمُـتْرِبْ

لكنّ تِلِمسانَ لها وجهُ حبيبةْ !

*

لم أُطِل الـمَـكْثَ ... فقد كنتُ المتعجِّلَ دَوما

سيكون مبيتي في " وَجْدةَ " ، حيثُ أُداعِبُ حُلْما !

 

لندن 10.03.2018

اخر تحديث الأربعاء, 14 مارس/آذار 2018 09:23