ثلاثُ مَراثٍ لشعراء تونس طباعة

سعدي يوسف

إلى محمد الصغير أولاد أحمد

لم تَعُدْ ، يا محمدُ ، ذاكَ الصغيرَ ...

الجنوبُ اختفى منذ أن رحلَ الزَّينُ .

في رادِسِ الغابةِ ، الآنَ

صارتْ لديكَ ابنةٌ أنتَ سمَيتَها كَـلِماتٍ ...

كبرْنا ، إذاً ، يا محمدُ

لكننا الشعراءْ !

نحن لا نتكبّرُ إذْ نكبُرُ ...

الآخرون لهم ما يشاؤون ّ!

والآنَ

يا صاحبي ، يا محمدُ ...

أنتَ تعرفُ محمود درويش ؛

تعرفُ أيَّ انتباهٍ إلى أرض تونسَ جمّعَنا ...

يومَهاُ ،  أبلَغَتْني ، كما  يلثغُ النسرُ ، أُمُّ زيادٍ :

"ولا بُدَّ من نَدْبةٍ عند أبوابِ تونسَ " .

يا صاحبي

يا محمّدُ أولاد أحمدَ

قُلْنا : انتهت ، عندنا ، السكرةُ !

الآنَ ، دعني أقولُ : انتهتْ ، عندنا الفكرةُ ...

العجَبُ التونسيُّ ، تبدّى ، كما  الصحنُ :

ما بين سوسةَ والقيروانِ

بعيدٌ .

وما تُضْمِرُ القيروانُ لسوسةَ

أبعدُ ، يا سيّدي ، يا محمّدُ ، ممّا ألِفْتَ :

أُحِبٌّ البلادَ  ...

كما لم يحبّ البلادَ أحدْ ؟

يا محمدُ أولاد أحمدَ

دعْ رادسَ الغابةِ ، الآنَ ، في حُلْمِها

واختلِسْ مقعداً عند أوّلِ طائرةٍ ...

فالبرابرةُ  التونسيّون قد أقبلوا !

 

لندن  في 26.06.2015

 

محجوب العَيّاري

رحلَ في آذار ( مارس )  2010

*

يسير محجوبُ ، كالراعي ، له غنَمُ

في " نابِلٍ " بين أحْلاسٍ ونِسوانِ

كأنّ محجوبَ في أعماقِهِ أُمَمُ

غريقةٌ بين أعرابٍ ورومانِ ...

*

قد كان محجوبُ فَذّاً : مقتدىً وندىً

ما بين مكتبةِ الديوانِ والحانةْ

وشاطيءُ الصيفِ مفتوحٌ له ، أبَدا

كأن " نابلَ " قد أهدتْهُ بُستانهْ

*

أمضي إلى" النُّزْلِ " وحدي . كان يتركني

في بابه ، ثمّ يمضي حيثُ لا أدري ...

يقولُ لي : دَعْكَ ! إني عارِفٌ سكَني

حتى ولو كنتُ ممسوساً من السُّكْرِ !

*

لم آتِ " نابلَ " ، حُزْناً ، بَعدَ محجوبِ

وإنْ يكُنْ ساكناً في جنّةِ الطِّيْبِ ...

 

لندن 05.03.2018

 

حسين قهوجي

كان في مدْخلِ القيروان الجميلةْ

كعبةٌ  ، فوقَ أستارِها

كُتِبَتْ بالحرير قصائدُنا المستحيلةْ

كي تفيضَ بأنهارِها .

*

منْبَرُ ابنِ نُصَيرٍ ، كما كان ، منذُ ارتقاهْ

والمصاحفُ ، والأعمدةْ

كلُّ تاجٍ بها ضارعٌ للإلهْ

والقبورُ هِلاليّةٌ ، شمسُها مُفْرَدةْ

*

ههنا كان يمضي  حُسَينْ

إلى جامع القيروانِ ، لينثرَ أزهارَهُ

ههنا غابَ عنّا حُسَينْ

بعدَ أنْ غيّبَ الليلُ أشعارَهُ

*

السلامُ على مَنْ رأى

والسلامُ على مَنْ توَهَّجَ في الـمُـنتأى !

 

لندن 06.03.2018