الشيوعيّ الأخير يشــتري قميصاً طباعة

سعدي يوسف

ظلَّ الشيوعيّ الأخيرُ ، هو ، الفقيرَ ...

فإنْ تدَبَّـرَ أمرَهُ يوماً ، وصارَ المالُ يملأُ جيبَــهُ

( تأتي مُصادفةً )

تأبَّطَ مالَهُ

ومضى يبدِّدهُ : المقاهي والمطاعمُ ،

والصديقاتُ اللواتي صِرْنَ قد أحبَـبْــنَــهُ تَـوّاً

ورُبّـتَـما تذَكّـرَ أمرَهُ

أن يشتري ، مثَلاً ، قميصاً

..........................

..........................

..........................

كم أحَبَّ السوقَ

تلكَ الواجهاتِ ، وباعةَ السِّـلَعِ الـمزوَّرةِ

الصبايا العاملاتِ

وذلكَ الصعلوكَ عندَ المدخلِ الخلفيّ للبارِ العتيقِ

وكم أحَبَّ مصاطبَ السوقِ

العجائزُ ، والسكارى الصُّبْحَ ، والأطفال

والشجرُ الذي ما زال يَعْبَقُ بالندى الليليّ

ينتبهُ الشيوعيُّ الأخيرُ

ألَمْ أجيءْ كي أشتري شيئاً ؟

قميصاً رُبَّــما ؟

........................

........................

........................

يدنو من البارِ العتيقِ

يُمازِحُ الصعلوكَ

يدعوهُ إلى كأسٍ ، وصحنِ فطائرٍ بالـجُـُبْنِ

ينتبذانِ زاويةً

ومثلَ البرقِ يقتنعُ الشيوعيُّ الأخيرُ بأنّ لونَ قميصِهِ أبهى

وأنّ تجارةَ القمصانِ ليستْ شــأنَـهُ ؛

أنّ الحياةَ تريدُهُ حُرّاً ، وأحمرَ

أنّ لونَ قميصِهِ سيظلُّ أحمرَ

قانياً ،

ولْتسقط القمصانُ

إنْ كانتْ ستَعْـرِضُ بَيعَــهُ ، هوَ ، في مَزادِ الســوقْ !

 

لندن 05.06.2006