غرفة المشنقة طباعة

آنَ أُغمِضُ عينيّ ... تأتي إلى راحتَيَّ البلادُ
البلادُ التي عرّفَتْني بأني امرؤٌ ليس يُسْمى ،
امرؤٌ قَدْرُهُ النعلُ
( كم مرةٍ كنتُ تحت حذاءِ المفوَّضِ ... )
بل أنّ لي نُدْبةً ما بوجهيَ ، من صفعةِ الشُّرَطِيّ ...
البلادُ التي كنتُ أعرِفُ
ما عرفَتْ ، مرّةً ، أن تكونَ بلاداً  ؛
بلادي الرهيبةُ
قد أدخلَتْني إلى غرفةِ المشنقةْ
ذاتَ ليلٍ ...

..................
..................
..................
كان ذلك في 1963
نقلونا من " النُّقْرةِ "  الفجرَ
لا أتذكّرُ كيفَ :
القطار البطيء ، أو الحافلات التي هي أبطأُ ...
في الليلِ كنّا  مساجينَ " بَعقوبةَ " .
ما كان في السجنِ متّسَعٌ للجميعِ .
تقدَّمَ لي حارسٌ :
"أنتَ تدخلُ في غرفةِ المشنقةْ !"
*
انفتحتْ غرفةُ المشنقةْ ...
أغلَقَ الحارسُ البابَ في لحظةٍ .
كنتُ أقربَ للمَيْتِ :
أن تؤخذَ ، الفجرَ ، من  خَبْتِ  قبرِكَ في " النقرةِ " السجنِ
حتى تكونَ بغرفةِ مشنقةٍ ...
( سِجْنُ بَعقوبةَ )
كنتُ تحتَ الجهازِ العجيبِ الذي  هو مشنقةٌ :
هذا هو الحبلُ
منعقدٌ  ، جاهزٌ ، شكلُهُ شكلُ أُنشوطةٍ ...
إنه ، الآنَ ، أُنشوطةٌ ،
تحته اللوحُ  ...
في لحظةٍ يسقطُ اللوحُ :
اين الفرارُ ؟
.....................
.....................
.....................
ولكنّكَ المرهَقُ الأبديُّ
المُرَحَّلُ ما بين سجنٍ وسجنٍ ...
أنت تُغمِضُ عينَيكَ في الغرفةِ المستحيلةِ
والحبْلُ منعقدٌ ، مثلَ أنشوطةٍ .
أنتَ تُمْسِكُ بالحبلِ
حتى تنام ...
.................
.................
.................
يا بلادي التي لستُ أعرفُ غيرَ زنازينِها :
لكِ مني السلامْ !

لندن 25.09.2015
--------------------------------------------------------------------------------