الغصن والراية طباعة

Image

سعدي يوسف
" في الذكرى المئوية لميلاد فلاديمير. إ. لينين "
نحن لم نحملْ على قمصاننا وجهَكَ …
لم نحملْ نحاسا
لم نقُلْ للكتبِ السرّيّةِ التوزيعِ " آمَنّا بما أُنْزِلَ " ،
ما كنتَ لنا نجماً
فما كنّا مجوسا
إنما أنتَ مقاتلْ
معنا ، جنباً إلى جنبٍ ، تقاتلْ .

مساءٌ باريسيّ

ينهمرُ المطرْ
على مظلاّتِ المقاهي ، وعلى أرصفةِ الصوَرْ
وكانَ في أغنيةِ المطرْ
يُسْرِعُ ..
منْفيّاً
وحيداً ، ثابتَ الخَطْوِ ، ويمضي هو والمطرْ
أبعدَ من نور المقاهي ، حيثُ لا ينهمرُ المطرْ
إلاّ على معاطفِ العمّالِ ، والأرصفةِ الحَجَرْ .

مكتبة زيوريخ

من أجْلِ أن يقرأَ كلُّ الناسْ
يقرأُ كلَّ وقتِهِ …
من أجْلِ أن تغادرَ الأجراسْ
كنائسَ العالَمِ ، لبّى رنّةَ الأجراسْ
من أجلِ أن يولَدَ في الأوراقْ
أكتوبرُ الأحمرُ ، شقّتْ عينٌهُ الأوراقْ .

ثلجٌ

يهبطُ الثلجُ السيبيريُّ ، على القريةِ ، تَبْيَضُّ المنازلْ
تحتَهُ ، والشجرُ الأعجفُ يبْيَضُّ ، وتلتاثُ المسالكْ
وغداً يهبط فوق القرية الثلجُ ، فتبْيَضُّ المنازلْ
مرةً أُخرى ، وهذا الشجرُ الأبيضُ يَبْيَضُّ ،
وتُمحى دونَ عينيه المَسالكْ
يهبطُ الثلجٌ السيبيريُّ
وفي زاويةٍ تهبطُ كفٌّ
فوقَ صُدْغِ الرجلِ الجالسِ :
ما أبهى المسالكْ !

الضريح

لم تكن نائماً حينَ زرتُكْ
لم تكن مغمَضَ المقلتَينْ
لم تكن في القميصِ الـمُنَشّى
كنتَ مبتسماً واقفا
لامعَ المقلتَينْ
دامعَ المقلتَينْ
في دخانِ المتاريسِ … يعلو قميصُكَ رايةْ

نشيدٌ للعالَم الذي يولَدُ

وقوفاً
وإنْ حَزّتْ قيودٌ ، وأَثقلَتْ سدودٌ
وقوفاً …
إن راياتِنا تعلو
وإنّ الوفاءَ المحْضَ ، والأرضَ والمَدى
لها قالةٌ هيهات يُخْلِفُها القولُ
فإنْ كانت الدنيا القديمةُ موطِئاً
لأقدامِنا حيناً ، وجبهتُنا ظِلُّ
فللقممِ البيضاءِ تسمو عيونُنا
وإثرَ خُطانا الخُضْرِ يندفعُ النخلُ
وهبْنا سماءَ الحقِّ غصناً ورايةً
وعانقَنا الصُّبحانِ  والعالَمُ الكُلُّ
فوارسُ من هذا الزمانِ وأهلِهِ
ونحنُ ، لآتيهِ ، إذا ما أتى ، أهلُ
فيا غصُناً يعلو
ويا رايةً تعلو
هنا نحنُ ، لم نبْرَحْ ، كأنّ وجوهَنا
شواهدُ ، لكنْ للطريقِ التي تعلو  ….

الجزائر  3.1.1970