تكوين 34 طباعة

سعدي يوسف
من قبلِ أن نأتي القواعد ،
 كنتَ قاعدةً أمامَ اللهِ والطبقاتِ
كنتَ تفتِّتُ الأحجارَ بين الناصريّةِ والشمالِ
تقولُ للوردِ: الـتُّوَيجُ مُخَبّأٌ
وتقولُ للبُرديِّ : خبّأْنا البنادقَ فيكَ
للورقِ : الجريدةُ أنتَ
للمتياسرينَ : إليّ !
للفوضى : سلاماً للّذين ينظِّمونَ مدائحَ الفوضى
وينتقلون بين الناصريّة والشمال .
لوجهكَ : الظلُماتُ مُطْبِقةٌ .
لأهلِكَ : ليس بعد الليلِ إلاّ الليل ...

للتاريخِ : نحنُ الفجرُ ...
لم ننزلْ على خيلٍ مُسَوّمةٍ
فأطلقْنا خيولَ الجِنِّ
 تَجدَحُ
وانطلقْنا قبلَ أن نأتي القواعدَ
نحو قاعدةٍ أمام الله والطبقاتِ .
كانت مثلَنا في الناصريّةِ
مثلَنا في صورةِ الأسلافِ
والكوفيةِ الرقطاءِ
والدمِ مدْلَهِمّاً في خطوطِ الوشمِ
أيّامَ النساءُ محجّباتٌ
في المآتمِ والقطارات البطيئةِ
والمساجدُ تختفي في النخلِ
أيّامَ الكنائسُ لم تزلْ بيضاءَ يونانيّةَ القُدّاسِ
أيّامَ الـمُسَمّى ، أنت:
َ  قاعدةً أمامَ اللهِ والطبقاتِ
سارتْ مثلنا ، مقروحةَ الأقدامِ
تحملُ ، مثلَنا ، ما يحملُ الأسلافُ
وشمَ الحِنْكِ والكفَّينِ
والمنشورَ أزرقَ
والرصاصةَ في عيونِ الخيلِ
تحملُ ، مثلَنا ، ما يحملُ الأسلافُ بين الناصريّةِ والشمال .
سنُعيدُ هذي الدورةَ الصمّاءَ
هذي الوردةَ المقطوعةَ الأعضاء ...
نُقتَلُ في الخلايا
ثم نُقتَلُ في المواقفِ
ثم نُقتَلُ في قواعدِنا ...
نُعيدُ الدورةَ الصمّاءَ والوردةْ
نعيدُ رهافةَ الوحدةْ
ونسكنُ في التفرُّدِ  ... في اخضرارِ الوشمِ
نسكنُ :
في خلايا لم تُرَشِّحْها الخلايا
في مواقفَ لم تُعَرِّفْها المواقفُ
في قواعدَ تحتفي بدم الزمانِ النذْلِ ...
ننأى في التفرُّدِ
في تفاصيلِ الـهُوِيّةِ والكلامِ
وملمسِ الأيدي التي وُشِمَتْ
وإيقاع الرصاصة والسؤال:
أتَطـلُعُ الأشياءُ ؟
فلْتطْلُعْ بنا الأشياءُ كالأشياءِ
تَطْلُعْ وردةٌ حمراءُ في التكوينِ
بين الناصريةِ والشمال .

------------------
*  تُنشَرُ القصيدة لمناسبة المؤتمر التاسع للحزب الشيوعيّ العراقيّ