ثلاث محاولات في البنْد طباعة

سعدي يوسف

 

بَنْد 1

لماذا اخترتِ أن تأتي إلى لندنَ من باريس ، في هذا القطارِ

الهادرِ ، المخنوقِ تحتَ الماءِ ؟ لا أدري بأيّ الخَطْوِ أسعى

كي أُلاقِيكِ ، وفي أيّ المحطّاتِ ؟ أنا الأعمى هنا ، لا النورُ

يَهديني ، ولا ما تصطفيه الحافلاتُ . اخترتِ ما كان قريباً.

حسناً ، لكنني أجهلُ معنى الإتّجاهاتِ .

إذاً فلْتأخذي

الأشياءَ بالحُسْنى !

خُذي سيّارةَ الأُجرةِ ،

أعْطي سائقَ السيّارةِ الهنديَّ عنواني ...

وبَعدَ سُوَيعةٍ

سترَينَني ، متلهِّفاً ، في الباب !

 

لندن في 15.09.2019

 

بنْد 2

 

لماذا هدأتْ في القريةِ الريحُ ؟ لماذا أُوقِدَتْ في تلّ هَيْرْفِيلْدَ المصابيحُ ؟

الـمـُـغَنّونَ استراحوا ، وهُم الآنَ سكارى  . حانةُ القريةِ قد نامتْ ،

ولم يَبْقَ من الـمـَغْنى سوى حوريّةٍ عرجاءَ .كان الصيفُ مُبْتَلاًّ . وقد

جاءَ الخريفُ كأنه صيفُ بمكّةَ . لستُ أعتزِمُ الرحيلَ .أنا هنا وحدي.

لندن 15.09.2019

 

بنْد 3

نعم !

تلك النباتاتُ التي هرّبتُها من سفح طنجةَ ، أو رُبى مكناسَ

صارتْ غابةً صُغرى ، أدورُ بها ، قَبالةَ بيتيَ الريفيّ . أسقيها

وأُكْرِمُها ، ولكنّ الأفاعي الإنجليزيّات لم يُحبِبْنَها . ماذا سأفعلُ ؟

سوفَ أدفعُ عن نباتي . سوف تبقى غابتي الصغرى التي

هرّبتُها من سفح طنجةَ أو رُبى مكناسَ ، آمنةً كبَيتي !

 

لندن 15.09.2019

اخر تحديث الإثنين, 16 شتنبر/أيلول 2019 08:00