امرؤ القيس شِعر : جلال الدين الروميّ (1207 ميلادي- 1273 ) طباعة

ترجمه عن الإنجليزية : سعدي يوسف

كان امرؤ القيس ، ملكُ العرب، انيقاً

شاعراً غزِلاً

النساءُ أحببْنَه ، وشُغِفْنَ به .

لكنه تبدّلَ ، بغتةً ، ذاتَ ليلةٍ .

عافَ مملكتَه وأهلَه

ولبسَ لبوسَ الدرويش ، مترحِّلاً.

الحُبُّ نزعَ عنه الملوكيّةَ

وقادَه إلى " تبوك" ، حيث  اتخذَ الطابوقَ عملاً .

بلغَ خبرُ امريء القيس ، ملكَ " تبوك " فمضى ، ليلاً ، يلقاه

وقال له :

" يا ملِكَ العرب ، يا مَن في حُسْنِ يوسف ،

يا ذا المملكتَين : إحداهما أرضٌ ، وثانيتُهما حِسانٌ

يُشَرِّفُني أن تختار مقامَكَ معي .

لقد تخلّيتَ عن الممالكِ ، لأنك تتطلّعُ إلى ما هو خيرٌ من الممالك " .

ومضى ملكُ تَبوك ، يُثْني على امريء القيس

ويتحدّثُ عِلْماً وفلسفةً .

امرؤ القيس ظلَّ صامتاً .

وفجأةً ، مال على الملِك ، وهمس في أُذنه ...

وفي تلك اللحظة

في تلك اللحظة ، صار الملكُ درويشاً  أيضاً .

خرجا من البلدةِ ، يداً بِيَدٍ

بلا أنطِقةِ مُلْكٍ ، ولا عروش.

هذا ما يفعله الحبُّ ، ويظلّ له فاعلاً .

عند الكبار ، للحُبّ طَعمُ العسل

وعند الصغار ، للحُبّ طَعمُ الحليب .

الحُبُّ هو آخرُ وَزْنةٍ يمتليءُ بها  الـمَرْكبُ .

وهكذا  ، طوّفا في الصين ، مثل طَيرينِ ينقرانِ الحَبَّ

كانا شحيحَينِ في الكلام

فالسِرُّ الذي يُكِنّانِهِ خطيرٌ .

لو باحا بهذا السرّ ، أطاحا بمائة ألف رأس ، في ضربةٍ واحدةٍ .

سَبُعُ الحُبّ يرعى في مراعي الروح

بينما  سيفُهُ الخَفِيُّ يقتربُ .

أن تٌقتَلَ به ، خيرٌ من أن تحْيا .

كلّ ما يريده الجبَروتُ

هو  هذا الضَّعف .

هكذا كان الملِكان يتكلّمان همساً .

اللهُ ، وحده ، يعرف ما قالا .

يقولان ما لا يُقالُ .

لغة الطير .

لكنّ قوماً قلّدوهما ، وتعلّموا  قليلاً من نداء الطيور

فصاروا ذوي شأنٍ .

 

تمّت الترجمة في لندن بتاريخ 23.03.2019