تقليد عبد السلام عيون السود طباعة

سعدي يوسف

لكأنّ وجهَكِ ، يا صديقةُ ، في المتاهةِ ، وجهُ أختي

ألَقٌ له ألقٌ ، ومعنىً غيرُ معنىً ، أو كلامِ

لا بُدَّ أن أمضي ، وأن أجدَ التفرُّدَ في الزِّحامِ

ولَئنْ تعثّرتِ الخُطَى ، ونسيتُ ما مَرمى سهامي

فلأنّ ما يعني الكلامُ الآنَ قد يعنيهِ صمتي

أنا يا صديقةُ متعَبٌ حتى العَياء فكيف أنتِ ؟

*

أمشي ، ولكني المُسَمّرُ ، والسّحابُ الجونُ بيتي

ماذا؟ أأهجسُ في الهجيرِ مَتالعَ الثلجِ البعيدِ ؟

هل تُولَدُ البيداءُ من كَفّيَّ، أم كفّايَ بِيْدي؟

والنهرُ هل غنّى؟ ام الماءُ المتعتعُ بالنشيدِ؟

إني انتظرتُكِ لم تجيئي، وارتجيتُكِ ...لم تَبتِّي

أنا يا صديقةُ متعبٌ حتى العَياء ، فكيف أنتِ؟

*

في الطائراتِ أحومُ ، أسألُ عن مَداركِ حيثُ حُمتِ

زوّادتي بِيَدي، وملء مسدّسي الطلَقاتُ ملأى

أيظلُّ هذا الكونُ أشيبَ؟ كيف لم أعرفْه بدءا ؟

ساُهاجمُ الثُّكناتِ ، أمنحُ جُندَها خبزاً ومنأى

وأصيحُ بالمدنِ التي نامت: لأجلكِ كان صوتي

أنا ياصديقةُ متعَبٌ حتى العياء ، فكيف أنتِ؟

*

في لندنَ الخضراءِ تأخذني الشوارعُ نحوَ نَبْتي

لي نخلةٌ في أولِ الدنيا ، ولي في النخلِ سعفةْ

والكأسُ ماءُ الطَّلعِ...يا ما كانتِ الأيامُ رشفةْ!

يا ما ، و يا ما ...فلتَغِمْ عيناكَ، ولْتُجْفِلْكَ رجفةْ

الليلُ يُضويني ...أنا المقطوعَ عن ولَدي وبنتي

أنا ياصديقةُ متعبٌ حتى العياء ، فكيف أنتِ ؟

*

هل يستقيمُ الخَطُّ ، حتى عبرَ أنمُلةٍ ونَحْتِ؟

أم هل تدورُ دوائرُ الدنيا كما كنّا نريدُ ؟

بالأمس ِكنّا أمسِ ، أمّا اليوم فالأمسُ الجديدُ

أتقول لي عيناكِ إني في التساؤلِ أستزيدُ ؟

قسَماً بآلهةِ العراقِ لأختمَنَّ عليكِ صوتي

أنا يا صديقةُ متعَبٌ حتى العَياء ، فكيف أنتِ ؟