في مُـحْـتَـرَفِ نُعمان هادي بالضاحية الباريسية طباعة

سعدي يوسف

سوف آتي إليكَ ، نُعمانُ ، مستنفِداً قطارَ الضواحي

ومحطّاتِهِ ...

وقفَ الخطُّ عندكَ .

الآنَ ، هذي محطّـتُنا القصوى

ومِنْ بعدِها : أينَ ؟

القطاراتُ تمضي بهم ... تعودُ

ولكنّ قطاراتِنا توقّفَت :

الليلُ مُقيمٌ ، وهائمٌ بالســوادِ .

الليلُ أعمى

وأنتَ لم تجد اللونَ الذي ترتضيهِ أكثرَ :

أهوَ السوادُ ؟

أهوَ البياضُ ؟

أهو ما هيّأتْ كوابيسُـنا ،  ضِـغْـثاً فضِـغْـثاً

أم الرحيلُ الـمِــدادُ ؟

يا صديقي ، أظلُّ  أسألُ :

مَن يلقي بنا ، دائماً ، إلى آخرِ الخطِّ ؟

إلى آخرِ القطاراتِ

حيث الظلامُ ، حيثُ الضواحي ...

لفَظَـتْـنـا مدينةُ الأغنياءِ : الجرَبُ المحضُ نحنُ

نحنُ الخرابُ ...

نحنُ مَنْ لم نُطِقْ ملاءَمةَ الأبيضِ بالأسوَدِ

نحنُ الشُّــراةُ

نحنُ الجوابُ !

*

نهبِطُ الدّرْجاتِ  القليلةَ :

كان الضوءُ يخبو

والبردُ يلسَعُ أطرافَنا ...

تقولُ : زمانٌ مَـرَّ مُذْ كنتُ ههنا ...

.................

..................

.................

الآنَ أذكرُ أيّاماً وعشرينَ عاماً مضتْ ...

آنَ الشواءُ

والفتَياتُ الـمُغَنِّياتُ ،

نبيذُ القٌرى وغرغرةُ الفودكــا

لقد كان في الأفْـقِ الـمُـلَــبَّــدِ ، الـجَـهْـمِ ، نجمٌ .

هل هوى ، من سمائكَ النجمُ ، يا نُعمانُ ؟

أمْ من سماواتِنا ، كلِّــنــا ؟

نحن سواءٌ .

لاتُغْلِقِ البابَ يا نُعمانُ

دعْ حُزمةً من الضوءِ تنْـسَــلُّ ولو خِـلْــســةً

ألستَ الـمُـغَــنِّــي ؟

 

لندن 11.10.2011

اخر تحديث الثلاثاء, 27 فبراير/شباط 2018 16:18