قُلُنْسُوةُ جوناثان |
سعدي يوسف جوناثانُ يداوِمُ في البارِ عند البُحيرةِ ، مُعْتَمِراً ، مثلَ تاجٍ ، قُلُنْسُوةً بالِيةْ . جوناثانُ امرؤٌ ، مثل ساقيةِ البارِ ، لا يتأخّرُ . ساعتُهُ ، مثل ساعةِ بِغْ بَنْ ، مضبوطةٌ بالثواني . وهو يوميءُ لي إذْ يراني. * جوناثانُ سيختارُ زاويةً ليواجهَ ساقيةَ البارِ ... يُخْرِجُ ، خطفاً ، جنيهاتِهِ الورقيّةَ ، من جيبِهِ ؛ ثمّ يُخرِجُ ، من جيبِهِ الآخرِ ، النقدَ ... ها هو ذا ... جوناثان : سينزعُ تلكَ القلنسوةَ ... الآنَ يَقْلِبُها ، يضعُ المالَ ، من معدِنٍ ، وكواغدَ ، فيها ... ويُعَدِّلُ جلستَهُ ، ثم يطلبُ كأساً تَصُبُّ له ، البنتُ ، كأساً فيأخذُ ، من قاعِ تلك القلنسوةِ ، النقدَ يدفعُهُ ، وهو يضحكُ ، للبنتِ . هاهو ذا جوناثان يُقَرِّبُ كرسيَّهُ من مكاني ... يقولُ : أتعرفُ ؟ إني وُلِدْتُ هنا ، في غُرَيفةِ بيتٍ هنا ، قائمٍ عندَ هذي البُحيرةِ ! فلأقُل الآنَ ، يا سيّدي ، قولَ حَقٍّ : وُلِدْتُ هنا ، وهذا البارُ ، بارُ أبي ، وجَدِّي ... * وجوناثانُ يدفعُ ما تبَقّى في القلنسوةِ . المساءُ يطِلُّ. جوناثانُ عَدَّلَ ، فوقَ لِــمّتِهِ ، القلنسوةَ التي فرِغَتْ ... ويغْمِزُ لي : وداعاً ! ................. ................. .................. وتمضي بي وجوناثانَ ، تمضي بالبحَيرةِ ، مثلنا ، الأيّامُ والأعوامُ ... أفتقِدُ البُحيرةَ والنساءَ ، وهُنَّ يصْبُبْنَ الكؤوسَ ، دوافقاً ؛ وأعودُ من سفَرٍ لألقى كلَّ ما استبعدتُ أن ألقى ... رأيتُ حِلْسَ البارِ ، جوناثانَ ، في دُكّانةٍ عند البُحيرةِ مُقْعَداً ، في قاع كُرسيٍّ على العجَلاتِ ... أوشِكُ أن أحيّيهِ فيرفعُ لي قلنسوةً من اللبّادِ باليةً ! سلاماً ...
لندن.02.2018 .19
|