شـــهادةُ جنسيّــــةٍ طباعة

سعدي يوسف

في العراق ، يتعــيّن على الفردِ ، كي يُثْبِتَ انتسابَه إلى بلــدِهِ ،

استصدارُ وثيقتينِ :  الأولى تدعى الجنسية ، وتتضمّن معلوماتٍ

عن مكان الولادةِ وتاريخِها ... إلخ . أمّا الثانية فتُدْعى شــهادة

الجنسية ، وهي لازمةٌ للقبول في الجامعة ، والوظيف العمومـي ،

والانتساب إلى الجيش والشرطة والأمن ، وتتضمّن معلوماتٍ عن

أصل العائلة ، وعمّا إذا كانت من التبعية العثمانية أو الإيرانية .

عربيٌّ من العراقِ ...

أنا : البصرةُ ، بــــيتي ونخلتي . وأنا النهـــرُ الذي سُــمِّـيَ باسمي

ورمــلةُ اللهِ دربي وخيمتي . الأثَــلُ الشاحبُ ســـــقفي وملعبـي ،

وخليجُ اللآليءِ -  الوعد  ِ لي . والبحرُ لي . والسماءُ دوماً سمائي .

عربيٌّ من العراقِ ...

أنا : البصرةُ ، بــــيتي ونخلتي . وأنا النهـــرُ الذي سُــمِّـيَ باسمي

ورمــلةُ اللهِ دربي وخيمتي . الأثَــلُ الشاحبُ ســـــقفي وملعبـي ،

وخليجُ اللآليءِ -  الوعد  ِ لي . والبحرُ لي . والسماءُ دوماً سمائي .

*

عربيٌّ من العراقِ ...

أنا : الكوفةُ ، ما خُطَّ  في العـــــــروبةِ خَطٌّ  قبلَها . والعواصمُ الألفُ

ما كانت سوى من كِنانـتِـها . بيتُ عليٍّ ، والمســــجدُ الجـــامعُ ،

والنهرُ . هل تخَطَّـينا الكتابةَ ؟  الحرفُ كوفيٌّ ، وقرآنُنا  وصيٌّ عليها .

*

عربيٌّ من العراقِ ...

أنا : المَوصلُ ، خيلٌ وخُضرةٌ . كان سيفُ الدولةِ الأميرَ ، وكانت حلبٌ

أُختَها . السفائنُ  في النهرِ . الـمُـغَـنّونَ في الضفافِ . هنا صاحبُ البريد

ِ

أبو تمّامٍ . المرمرُ الصقيلُ هي الموصلُ  ، والأهلُ ، والنضــالُ الطويلُ .

*

عربيٌّ من العراقِ ...

أنا : هذا الفراتُ ، الذي يوحِّــدُ أهلاً ،  وبلاداً ،  وأُمّــةً . كلُّ كفٍّ من مائهِ

موعدٌ في جنّـةِ الخُلْـدِ . يا صبايا الفراتِ ، صبراً ! لكُنَّ النهرُ والفخـــرُ ...

سوف يأتي زمانٌ للتهاليلِ . نحن نُقْسِـمُ بالنهرِ ، وباللهِ ، والسوادِ الأصيلِ .

*

عربيٌّ من العراقِ ...

أنا :  بغدادُ ، موصوفةً بما ليس في الوصفِ . الكتابُ العصيُّ . والجنّـةُ .

الدربُ المؤدِّي إلى الدروبِ . أتاهــا كلَّ عصرٍ برابرةٌ . لكنّها أحكمتِ

الأنشــوطةَ .

العزيزةُ بغدادُ .

والأســيرةُ بغدادُ ،

والأميرةُ بغدادُ ...

والجدارُ الأخـــــــيـرُ .

 

لندن 20.9.2006