هَلْوَســةٌ في أيّامٍ ممطرةٍ طباعة

سعدي يوسف

ظلّتْ تمطِرُ في هَيرْفِيلدَ

ثلاثةَ أيّامٍ

وثلاثَ ليالٍ

ظلّت تُمطِرُ  "حتى ابْتَلَّ البحرُ " كما قال لنا ألبَير كامو ...

الورقُ الـمُـسّاقِطُ صارَ مَـمَـرّاً أصفرَ

والدّوحُ العاري صارَ تماثيلَ لِجِنٍّ سُرْياليّينَ .

أفَتِّشُ عبرَ زجاجِ الشُّبّاكِ عن القريةِ

عن مَرْكَبِ مَن أحببتُ حياةً معها في المَرْكبِ قبل سنينَ ...

وعن مجنونٍ كان يُجالِسُني في الحانةِ عند الماءِ ،

أفتِّشُ عن أوراقٍ في جيبي ضائعةٍ

عن أيّامي ،

عن أُمِّي

عن مفتاحٍ كنتُ فَقدْتُ ونحنُ نُرَحَّلُ من مرفأِ بيروتَ ...

" البيرِيتّا " الرشّاشُ الإيطاليُّ خفيفاً كان

وكنتُ أنيقاً

ونحيلاً

وخفيفاً

ألبسُ ما يلبسُهُ أيُّ فدائيٍّ لفلسطين ،

آكُلُ ما يأكلُهُ أيُّ فدائيٍّ لفلسطين

وأنامُ سعيداً ...

هل ستظلُّ سماواتُ الأرضِ الأخرى تمطرُ ؟

كي تُلصِقَني بزجاج الشُّبّاكِ

وحيداً

وبعيداً عن أرض فلسطين ؟

 

21.11.2016