كم من أمواهٍ ... طباعة

سعدي يوسف

(1)

ما كنتُ أحسَبُ أنّ البحرَ

أسودُ

حتى رُحْتُ أقصدُ أوديسّـا ...

لقد بَعُدَتْ عني النُّخَيلاتُ

لا حمدانُ مُتْرَفةُ اللبلابِ تبدو

ولا تحت القميصِ  الـمُـنَدّى جسرُها الخشبُ

تحتَ السفينةِ كان الماءُ يضطربُ

والريحُ تَسْوَدُّ ...

...............

...............

...............

كادَ الكونُ ينتحبُ .

(2)

عدَنٌ في ضبابِ الظهيرةِ تنأى ...

سفائنُ روسيّةٌ

واللصوصُ ، قدامى ، قراصنةٌ ، يُبحِرون

بها ؛

يُبْحِرون بنا ...

كالمساجينِ أيّامَ  روما ؛

وقالوا : هو البحرُ أحمرُ ،

يأخذُنا ، عبْرَ كلِّ المراسي التي كرِهَ اللهُ .

عبرَ المراسي التي تكرهُ اللهَ .

لكننا ، سوفَ نهبِطُ في اللاذقيّةِ

فجراً ...

عراةً

مساكينَ

ملتحِفينَ البطاطينَ ...

والبحرُ أحمرُ .

(3)

قد كدتُ أبْلغُ برشلونةَ في نسيمِ الفجرِ ،

كان البحرُ يهدأُ

والنوارسُ تنفضُ الميناءَ نفضاً  صائحاً

والبحرُ أبيضُ  .

أين تمضي ، أيها المخبولُ ، بالأطفالِ ، بامرأةٍ معَذّبةٍ ؟

كأنّكَ قاصدٌ بغدادَ !

هل أنصَتَّ للعصفورِ ينقرُ تمرةً ؟

يا ضيعةَ الأيّامِ !

لو لم تقطعِ البحرَ الخفيفَ

و لم تحاوِرْ  نَقرةَ العصفورِ

يا ولَدي ...

لو التففتَ ببرشلونةَ بُرْنُساً

ونسِيتَ بغدادَ التي تنأى  ، وتَبْرُقُ كالسراب  ...

 

لندن 14.09.2015

اخر تحديث الأربعاء, 09 نونبر/تشرين ثان 2016 13:16