رُبـــاعيّــةٌ أيضــــاً... طباعة

سعدي
المتوحدُ  و الأفعى
لا يعرف أن يأكلَ في المطعمِ
والمطعمُ مكتظٌّ بزبائنهِ . المطعمُ يَـبـعُـدُ أمتاراً  حَـسـبُ عن النهـرِ .
به سَـمَـكٌ ، ومُـخَـلّـلُ مانـجـو الهندِ ، وأرغفةُ التنّـــورِ ،
وكان الناسُ سكارى بالعَـرقِ المسمومِ ورائحةِ البارودِ الباردِ في الجيـبِ
الخلفيّ . وفي هذا الغسَــقِ ارتعشَ الضَّـوعُ قليلاً . هل نادى اللبلابُ
زهورَ البوقِ؟ وهل تَـخْـطُـرُ في الأبـخـرةِ امرأةٌ ؟ سوف يكون الناسُ
سعيدينَ … يموتُ الناسُ سعيدينَ : العَـرَقُ الطافحُ ، والبــارود…

سعدي
المتوحدُ  و  السيف
لا يعرف أن يجلسَ في بـَــهوِ سياسـيِّـيـن
كم حاولتُ ، طويلاً ، أن أدخلَ في البهوِ المفتوحِ ! لقد أمضيتُ العُـمْـرَ
بهذي اللعبةِ . يُغريني المشــهدُ عن بُـعدٍ : أبواقٌ ، وســماســرةٌ ،
وحقائبُ . أحياناً تأتي امرأةٌ  بالويســكي في أكوابِ الشاي . وقد يُمسِكُ
قردٌ بـمُكبِّــرِ  صوتٍ . يَـصّـاعَـدُ في الليلِ رصاصٌ أعمى. حُـجِـزتْ
كلُّ مقاعدِ هذا البهوِ ، وعندَ البابِ اصطفَّ المنتظرونَ . لماذا؟ هل تســألني؟
أنا لا أعرفُ كُــوعي من بُـوعي . أنا لا أعرفُ حتى سـترةَ من يسألُني .

سعدي
المتوحدُ  و  الحلزون
لا يعرف أن يتقدمَ ( حتى بين رفاقِ العمر ِ) مُظاهرةً
خيرٌ لكَ أن تجلسَ ملتصقاً بالمصطبةِ الخشبيـةِ . ماذا ســتقولُ لو استعجلْـتَ
وراء القومِ ؟ فأنتَ هنا ، ملتصقاً  بالمصطبة الخشبيةِ ، سوف ترى المشهدَ مكتملاً .
لن تدفعَ بالـمـنْـكبِ جاراً . لن تتدافعَ كي تحظى بالصورِ الفوتوغرافيةِ …
قد يجلسُ لِـصقَـكَ مَـن أنـهكَـهُ السـيرُ . وقد تتحدثُ عن قــاراتٍ
أخرى. هل تُـنْـكـرُ أن العالمَ يبدو أجملَ حين تراقـبُـه من مصطبـــةِ
الحانةِ ؟ إنّ رفاقكَ يندفعون خِـفافاً في الشارعِ. أنت تراهمْ . هذا يكــفي .

سعدي
المتوحدُ والمِــرآةَ
يحاولُ أن يتصوّرَ ما هو أبعدُ منها…
أنتَ رأيتَ … فماذا بعدُ ؟ الأشجارُ وفوضى الشارعِ والمرأةُ والطيرُ جميعــاً
في المِـرآةِ . ووجهُكَ أيضاً في المــرآةِ . إذاً  ، ماذا بَـعدُ ؟ ألمْ تســأمْ هذا؟
لكنكَ لن تغلقَ نافذةَ الـمَـرأى طبعاً … أوَلَـمْ تتفَــكَّـرْ في ما خَـلَـقَ
المَــرءُ ؟ إذاً ، فَـلْـتَـبْـرأْ  من هذا الصّـلصالِ طيوراً ! إنكَ لم تأتِ لكي
تتملّـى المِـرآةَ ، ولم تأتِ لكي تكســرَها . هل أتعَـبَـكَ الدربُ ؟ وهل
خذلتْـكَ خُـطاكَ ؟ انظُــرْ تحتَ غطائكَ ، وانتظـــرِ الصّــبَـواتْ .

                                               لندن 2 / 10/ 2002