ذبـذبـات طباعة

للخريف الذي ظلَّ يمضي ، لآخِــرِ أوراقهِ ، تهمسُ الريحُ في مــطرٍ ناعمٍ.
أنا أســمعُ ما تَـنطقُ الريحُ . ألْـمُـسُ ما تَـحمــلُ الريحُ . أغْـمسُ
هُــدبي بأمواجها . القـريةُ ارتحلتْ منذُ قَـرنٍ ، وهاأنت ذا  لا ترى غيـرَ
مقعدها الخشبيّ الوحيدِ ، وســاحتِـها الخاويةْ .
قد كنتُ هيّـأتُ الشعاراتِ العشيّــةَ . سوف يأتي أحمدُ النجديُّ حتماً
بالعِـصِـيّ . وسوف تنطلقُ المظاهرةُ الظهيرةَ حينَ تزدحمُ الأزقّــــةُ
في محيط السُّـوقِ .أيُّ منازلٍ ستقول : أهلاً ، حينَ ينطلقُ الرصـــاصُ؟
كأنّ ضَــوعاً من حدائقَ في الغيومِ يسيلُ من كفِّــي . كأني في الغمامْ .
ترحلُ الريحُ أيضاً ، ويرحلُ عن شجرِ الســاحةِ المطــرُ الناعمُ  . الليـلُ
لن ينتهي . هو لم يبدأ . الليلُ لن يبدأ . الليلُ حقٌّ  كما الموتُ حقٌّ . كما اللهُ.
أنت هو المترحلُ . أنت الذي لم يجدْ عبرَ كلِّ المفازاتِ  إلاّ مصاطبَ في قريـةٍ.
وهي حجّـتكَ اليومَ . قُــلْ لي ، إذاً ، ما أوانُ الرحيــلِ إلى الهاويـةْ ؟
أتظلُّ تسألُ : هل أظلُّ ضجيعَــها منذ انتــصـاف نهارِ هذا الســبتِ
حتى مَــوْهِـنِ الأحدِ ؟ المدينةُ في ضواحيـــها … كأنكَ صرتَ تجهلُ
أنّ ماريتـا تحبّ السوقَ مكشــــوفاً ومؤتلقاً ، وتجهلُ أنّ ماريتا ستشوي
الـجَـدْيَ . ماريتا ستُـحضرُ خُــبزَها البيتيّ. فَلْـتقرأْ على الأحدِ السلامْ
الستــائرُ  شــفّتْ ، وغامَ الزجاجُ . أنا الآنَ أُبصِــرُ  في الداخلِ، المَشهدَ.
الغرفةُ ابتعدتْ عن تفاصيلها ؛ والأريكةُ صارتْ مَـمَــرّاً  ، وهذا البساطُ الذي
كنتُ أحسِــبُ وِحداتِـهِ  صارَ نهراً ، ولم تَـعُـدِ اللوحةُ  امرأةً  عاريــةْ .
……….............
….……………
……………….
بغتةً … أسـمعُ الخطـوَ  !
هل جاءني من سيصحبني في طريقِ الظلامْ ؟

                                                     لندن 2 / 11 / 2002