إحساسٌ مضطــربٌ طباعة
تقييم المستعملين: / 1
فقيرأفضل 

أمسِ ،
قلتُ : انتهتْ ســنواتُ العذابْ
أنا ظَـهري إلى حائطٍ
والقبورُ أمامي بغَــربيِّ لندنَ
والفجـرُ ، دوماً ، ضَـبابْ .
............
............
............
أمسِ ، قلتُ...
ولكنّ تلكَ الصنوبرةَ المستقيمةَ في البُـعدِ ، لم تَـتَّـركْ لي ،
ولو لحظةً ، شـاطئاً للتأمُّـلِ. تلكَ الصنوبرةُ استقدمتْ ،منذُ
يومينِ كِـيزانَـها وثعالبَـها والسّـــناجيبَ والطيــرَ،
واستقدمتْ غيمةً تسـتقـرُّ على جبهتي ، ثم نَـسراً بأجنحةٍ
من هُـلامِ ، ومَـدّتْ على مَدخلِ البيتِ أغصـانَـــها
وهي مضفــورةٌ كالـشِّـباكِ الخرابْ.

انتظرتُ...

الصباحُ انقضى. واسـتراحتْ على الشُّـرُفاتِ الظهـيرةُ.
قَـلَّـتْ على الشارعِ الحافلاتُ.ولم يبقَ إلا المســـاءُ .
اقتنعتُ بأني سـجينٌ ، وأنيَ لا أكرهُ الســـــجـنَ
( فالمرءُ يألَـفُ ) قالَ لنا المتنبِّـيءُ. في بغتةٍ ألمـحُ الشيبَ
يَنبتُ في راحتَـيَّ. الكلامُ العجيبُ ، إذاً، قد تَـحــقّقَ.
ها أنذا ألمحُ الشيبَ، فعلاً، على راحَـتَـيَّ،بلونِ التـرابْ.

انتظرتُ...

الصنوبرةُ استجمعتْ ، كالرياضيِّ، أنفاسَــها. والصـنوبرةُ
اندفعتْ بثعالبِـها والسناجيبِ والغيمِ والطيرِ والنَّـسرِ ....
وال...وال...
وراحتْ تدقُّ على البابِ مجــنونةً ، تتــقاذَفُ كيزانُـها؛
والفــروعُ علـــى جبــهتي إبَـرٌ واضــطـرابْ.

أنا ظَــهري إلى حائطٍ...
والقبــورُ أمـامي بغــربيِّ لندنَ
والفجــرُ ، دوماً ، ضــبابْ .

                                                 لندن   17 – 4- 2002