سـعدي يوسـف في أوائل تشرين أوّل ( أكتوبر ) هذا ، سأكون في الصين ! سأكون هناك مع احتفالات العيد الستين لتأسيس جمهورية الصين الشـعبية ، حيث يستظلُّ رُبعُ البشــرِ بالراية الحمراء . هل من سببٍ آخر ؟ نعم . سوف أوَقِّعُ كتابي " مختارات شعرية " الصادر باللغة الصينية ( طبعاً ! ) هناك . قال لي صديقي ني ليان بِن ، وهو مَن ترجمَ أشعاري إلى الصينية : ستكون بايجينغ مزدحمةً بالمحتفلين والضيوف . أنا ، إذاً ، بين المحتفلين . لكني لا أعتبرُ نفسي ضيفاً ، ما دمتُ أستظلُّ بالراية الحمراءِ التي وهبتُها حياتي . كيف حدَثَ أنني ذاهبٌ إلى الصين ؟
ني ليان بِن ، تاجرٌ ، على الطريقة الصينية . إنه تاجرٌ صينيّ ! التقَينا أواسطَ التسعينيات ، في العاصمة الأردنية ، عَـمّان ، حيث كانت له أعمالٌ تجارية ، وتعددتْ لقاءاتُنا ، وتزاوَرنا كثيراً في ما بَعدُ. لكنني رحلتُ عن الأردنّ ، فراراً من وضعٍ شخصيّ مؤسفٍ ، وأقمتُ في المملكة المتحدة . كان صديقي الصينيّ يحتفظ بعلائقَ مع معارفه ، من أهل عَمّان ، وظلّ يسأل عن مظانّي ، حتى اهتدى إلى عنواني ، عنوان البريد الإلكتروني، وهكذا بدأت فكرةُ الزيارة. الآن تحَقّقَ الحلمُ . سأكون في الصين ، التي لي معها قصةٌ أخرى . في 1960 ، ببغداد ، ترجمتُ مع الصديق الراحل ناظم توفيق كتاب " لو تِن غيِي " ، لتتفتّح الأزهار . في أواسطِ السبعينيات ، ومع هادي العلوي الذي لا يرحل ، وكاظم السماوي ، دُعِينا من الجانب الصينيّ للعمل في قسم الدراسات العربية بالعاصمة الصينية . كان الشيخ جلال الحنفي هناك ، وقد أقنعَ هادي العلوي بجدوى الذهاب إلى بايجينغ . دعانا السفيرُ الصينيّ ببغداد إلى عشاءٍ في منزله . العشاء صينيٌّ مائة بالمائة . وهناك ساكي الرزّ الذي يُلْهِبُ حتى حَلقي ! ذهبَ هادي العلوي ، وكاظم السماوي إلى الصين . لم أذهبْ لأني أحسستُ بترددٍ ، من أسبابه أنني كنتُ أريد الاستزادة من طَعمِ بغداد ، بعد طولِ غيابٍ . ذهب الرجلانِ ليقيما هناك نحواً من سنين عَشــرٍ ! * اليومَ أذهبُ . ستكون معي جوان التي تزور الصين للمرة الأولى ، مثلي ، وإن كانت هبطتْ مرةً في مطار هونغ كونغ ، في طريقها إلى نيوزيلندة . وستكون معي المجلداتُ الستةُ من " الأعمال الشِعرية " أحملُها هديةً إلى القسم العربي بجامعة بايجينغ . ستكون لي أكثرُ من أمسيةٍ . سألتقي شعراءَ . وسوف أطَّـوَّفُ في بلادٍ ظلّت الشمسُ فيها تشرقُ من جهة الشــرق ! لندن 27.09.2009
|