ابنُ عُمان وأميــرُها طباعة

 ســعدي يوســف
محمود الرحبي من مسقط ، وإدريس علّوش من أصيلة المغربية  ، أخبراني برحيلــه .
كأن الرجلين يعرفان حقّ المعرفة ، أيّ ودٍّ  أكنّــه  لـحسن باقر  Hassan Boss  ، كما يدعوه أصدقاؤه ومعارفه   ،   تحبّــباً ورفعَ كُـلفةٍ .
في زورتَـيّ الإثنتين لـعُمانَ  ، كنت حريصاً على لقائه  ، والاستماع إلى آخر أخبار رحلاته ، وهو الجوّالةُ ، جوّابُ الآفاق ، ذو الأعمال العجيبة الغريبة ، وليس أغربها إمارة موكب العُمانيين الذين يزورون العـتبات المقدسة في العراق !

حسن باقر ، إن ذكرتَ اسمَ عُمانَ  ، معــه ،  فكأنّ الإثنين واحدٌ .
ولا بدَّ أنه أسس في المغرب ، ما أسسه في عُمان !
كان يشعّ غبطةً بالحياة ، وينقل هذا الإشعاعَ النادرَ إلى من يحيط به ، وما يحيط به .
البحر ؟
لنقتحمْــه سابحين مسبِّـحين .
المساء ؟
لنشعلْ فيه قناديلنا ونيران الشواء .
العواصم العصيّــة ؟
لنجعلْـها  ملعباً للفن والشعر .
الفضة ؟
لتكن قلائدَ وأساورَ لحبيباتنا ، وحبيبات أصدقائنا  .
المرجان ؟
ليكن لونَ أغانينا .
وألتقيه هنا وهناك ... كنت  - كشأني اليوم -  منفياً عن بغداد ، بينما يكون هو عائداً للتوّ من هناك ، حريصاً الحرصَ كلّــه على أن يبلغني ما يرى أنني بحاجة إلى معرفته . لم يحمل إليّ خبراً مؤلماً ، أو مزعجاً  . كان حريصاً أيضاً على إشاعة الغبطة .
ماذا كان يفعل حسن باقر ، في هذه الحياة ؟
في رأيي أن عمله الوحيد ، الجميل والجليل في آن ،  هو بالتحديد :
إشاعةُ الغبطة !
رحل أميرُ عُمان وهو في أصيلة التي أحبّها . أصيلة التي أحبّــه أهلُها  Hassan Boss  حبّاً أنساهم أن اسمه حسن باقر !

                                                 لندن  05.9.2006