سهام علي الناصر ترحلُ غريبةً أيضاً ... طباعة

سعدي يوسف

لستُ أدري تحت أيّ هاجسٍ كنتُ اليومَ  ...

هاتفتُ ، ابنتي شيراز ، البرلينيّة . سألتُها عن أحوال اُمِّها .

قالت لي شيراز إنها كانت تحاول الإتصال بأمِّها منذ يومين ، لكن الهاتف كان هامداً .

( أحسستُ بأن شيراز قلِقةٌ )

بعد دقائق هاتفتُ مريم  ...

قلتُ لها إن شيراز  قلِقة . مريم هوّنت الأمر ... قالت لي إنها مطمئنة ، وإن كل شيء على ما يُرام .

بعد عشرين دقيقة ، أو نحوِها ، رنّ هاتفي الصامت في العادة . مريم كانت تبكي :

أُمِّي توفيتْ قبل يومين ...

*

سهام علي الناصر ، زوجتي الأولى التي ظلّتْ أولى ، أُمّ حيدر ( المرحوم ) ومريم وشيراز.

رافقتْني في رحلة الهول :

السجون . الجزائر . عدن . دمشق . قبرص . بلغراد ... إلخ .

ليلة زفافنا ، ( مطلع الستّينيّات ) ألقت دائرة أمن البصرة ، القبض عليها .

كانت مناضلةً شيوعيّة باسلة.

*

قبل ستّ سنين تقريباً ، لجأتُ إليها في منزلها بأورموند الهولندية غير البعيدة عن لايدِنْ .

كنتُ في أزْمة عاطفيّة ، وكانت سهام علي الناصر تأخذ بيدي إلى البُرء.

*

هكذا ، إذاً !

ترحل سهام علي الناصر التي تَصْغرني عشراً ، وأظلُّ أنا على قيد حياةٍ بلا طَعم .

لا أحد ، هنا ، في لندن ، يمْكِنُ لي أن أُسِرّه .

أتذكّرُ قصة تشيخوف عن الحوذيّ الشيخ الذي فقدَ ابنه ، فلم يجدْ من يُصغي إليه سوى الحصان.

أنا في لندن ، أسوق عربةً بلا حصان.

 

لندن 21.06.2018

اخر تحديث الخميس, 21 يونيو/حزيران 2018 19:14