صباحٌ مرتعشٌ برداً ... طباعة

سعدي يوسف
أفتحُ عينيّ ، صباحَ العامِ الجديدِ ، هنا ، حيث أقيْمُ ، في الريف الإنجليزيّ .
اليوم جمعةٌ .
في الحقول المحيطة التي أراها من موضعي ، غطّى الصقيعُ  ، العشبَ النضيرَ ، وحطّتْ طيورٌ بينها الغربانُ تنبش عن ملتقَطٍ .
لا صوتَ .


حتى السناجبُ المرِحةُ ، التي تتواثبُ خفيفةً ، اختفتْ ، لائذةً بأوجارٍ أو بملتَفِّ نبْتٍ .
القرية ( واسمُها هَيرفيلد يعني حقلَ الأرانبِ ) ستظل نائمةً حتى الضحى العالي . المخزنُ الهنديّ فقط سوف يفتح أبوابه ، مبكراً .
ماذا بمقدوري أن أفعلَ ، في المنتأى ؟
سأحتفي بالعام الجديد ، مع ضيوفٍ ، وصديقةٍ . سيكون يوماً هادئاً ، فيه من الحُبّ قدرَ ما فيه من التواضع.
ولسوف أراجعُ ، خفيفاً ، أيامَ العامِ الذي ودّعتُه ، كي أستقبلَ العامَ الذي هلَّ ، بما يليق .
لن أشعرَ بالخيبةِ وأنا أراجعُ ما فعلتُه.
العام 2015 كان في منتهى المأمولِ ، مأمولي .
لم يخذلْني فيه جسَدي .
ولم تخْبُ ، أو تَخِب الروحُ .
الشأنُ العامُّ ، كان مريراً ، قاسياً  :
في بريطانيا ، تردّت أوضاعُ الناسِ ، الفقراءِ منهم ، وا زدادت المتاعبُ في المسكنِ والمطعم . لكن عودة الروحِ إلى حزب العمّال ، مع انتخاب جيريمي كوربِن زعيماً للحزب ،  منحتْني ، أنا الفقير إلى الله ، فسحةً من الأمل .
في منطقة الشرق الأوسط ، وأعني  منها ، العراقَ ، كان العامُ مؤلماً :
الهجرة المريرةُ إلى شمال العالَم القاسي  .
الحرب الأهلية بين الطوائفِ التي كلّفتْ عشراتِ الالافِ من الأرواحِ .
انتهاب البلادِ حتى بلغ الانتهابُ ، حدَّ الإفلاسِ الفعليّ .
التردّي الإقتصادي ، وتفاقم الفسادِ ، وافتقاد الأمن والأمان .
عودة جنود الاحتلال ...
*
ليس ، ثمّتَ ، ما يوميء بالتفاؤلِ  في ما اتصَلَ بالسياسات. ورُبّتَما كان العام 2016 أسوأ من العام 2015 !
*
أعودُ لأنظرَ من النافذة المطلّةِ على الساحة الصغيرة . الساعة الآن جاوزت الحاديةَ عشرةَ ضحىً . اختفى الصقيع الخفيف . العشبُ النضيرُ عاد إلى نضارته وخُضرته العميقة . بعد قليل ستظهرُ السناجب .
*
وأعودُ لأتحدّثَ عمّا أنجزتُه في العام 2015  ، ثقافيّاً  : في التأليف والإبداع .
لقد أنجزتُ ثلاثةَ كتُبٍ :
حياة في خريطة  وهو ترجمتي لقصائد من الشاعر البرتغالي الصديق  نونو جوديس.
محاولات في العلاقة  وهو ديوانٌ جديدٌ لي يضمّ حوالَي خمسين قصيدةً .
الدروبُ الذهبُ وهو كتابُ تناصٍّ مع ابن بطوطة ،  بعد أن وجدتُ أنني كنتُ في أكثر من ثلاثين بلداً
مرَّ بها ابن بطوطة المغربيّ الطنجيّ في رحلته الشهيرة !
يضمّ هذا الكتابُ نصوصَ ابنِ بطوطة ، ونصوصي أنا التي كتبتُها عن تلك الأماكن المشتركة بيننا.
*
أمسِ ، وفي مُهاتَفةٍ من الرباط ، عاصمة المملكة المغربية ، تلقّيتُ من وزارة الثقافة هناك ، ما يشير إلى أن المعرض الدوليّ للكتاب بالدار البيضاء
سوف يخصِّصُ يوماً للإحتفاء بإصداراتي الثلاثةِ .
الموعدُ :
الساعة الحادية عشرة ، من يوم الأحد ، الرابع عشر من فبراير .
*
إذاً !
سأستقبلُ العام 2016 ، واثقَ الخطوةِ ...
*
إنّ الثمانينَ ، وبُلِّغْتَها !
وأنا ، الآن ،  مع 2016 ، لي اثنتان وثمانون ...

 

لندن  01.01.2016

اخر تحديث الأحد, 17 يناير/كانون ثان 2016 16:41