( النصّ من كتابٍ قيد الإعداد بين أبن بطوطة وبيني ) طباعة


الفلبين
ثم وصلنا إلى بلاد طواليسي ، وهي بلادٌ واسعةٌ ، وملكهم منافسٌ وندٌّ قويٌّ لملك الصين ، ويمتلك العديد من السفن الشراعية التي يشنّ بها حرباً على الصينيّين حتى يقبلوه ويحترموه ويفاوضوه على بعض الشروط .

وهم وثنيّون ويشبهون الأتراكَ في الشكل ولكنّ لون بَشَرتهم حمراء نحاسيّة وهم شجعان ومحاربون أقوياء ونساؤهم فارساتٌ يركبن على ظهر الفرس ويقاتلن كالرجال ويستخدمن النبال والسهام بمهارة فائقة ، ورسونا في ميناء
بلدة كايلوكاري ، وكان يحكمها ابن الملك ، وهي من أكبر وأجمل مدنهم ، وأحاطت بالسفينة القوّاتُ والجنود المحليّون ، فذهب إليهم قائد السفينة حاملاً معه هدية لأميرهم وسألهم عنه ، فأخبروه بأن أب الأمير ، الملك ، عيّنه حاكماً لمنطقةٍ أخرى ، وجعل ابنته أوردوجا حاكمةً لهذه المدينة . وفي اليوم التالي استدعت الأميرة قائد السفينة وجميع ركّابها وكبار الشخصيات المحلّيّين وقائد الجند لحضور مأدبة غداء ، وهذه من عاداتهم في إكرام الضيف . وحضر إليّ قائد السفينة وترجّاني أن أذهب معهم ، ولكني رفضت أن أهبط من السفينة وآكل غذاء الكفّار  الوثنيّن. وعندما ذهب طاقم السفينة سألتهم الأميرة هل بقي منكم أحدٌ لم يحضر ؟
 ساعدتنا في رحلة البحر للصين.
وأخبرني القائد بأن هذه الأميرة عندها نساء في جيشها وخدم نسائي وجواري يحاربون كالرجال . وتخرج بنفسها للقتال مع جيشها المؤلف من النساء والرجال ،  وتهاجم الأعداء وتخترق الصفوف . وأخبرني القائد بأنها رفضت الزواج من الأمراء وتقول إنها سوف تتزوج فقط الفارس الذي يغلبني . والفرسان يتجنّبون محاربتها لقوّتها وشدة بأسها ، والخوف من الخزي والعار إذا تغلّبتْ عليهم .
*

حيدر ينام

كالمستريحِ إلى النعاسِ دقيقتَينِ
ينام حيدرُ ...
حوله الأزهارُ ، والشمعُ الطويلُ
وضجّةُ الناسِ الذين يغمغمون
ويلعبون لأجْلِه ورَقاً ... ( هي الفلبين )
حيدرُ مغمضُ العينين
في شفتيه شيءٌ مثلُ شكوى ، مثلُ لونٍ  للمَلامةِ ؛
كان حيدرُ ناعمَ الخدَّينِ
في أبهى أناقتِه ...
نظيفاً
لامعاً
مترقرقَ النُّعمى كعادتِه ،
وكان ينام ...
...................
...................
...................
يا ولَدي
قطعتُ الكونَ
أسبِقُ شمسَه لأراك ...
يا ولَدي ،
تفارقُني كعهدكَ ؟
خلِّني ألمسْ يديكَ
وخلِّني أخبرْكَ عن وجَعي
وما صنعت بيَ الدنيا ...
لمن أشكو إذا لم أشْكُ عندكَ ؟
هكذا انقطعتْ بنا الدنيا . إذاً !
أرجوكَ ...
يا ولدي ،
تَنَفّسْ بُرهةً !
افتَحْ ، ولو لدقيقةٍ ، عينيكَ !
أبصِرْ ، لحظةً ، شيبي
وماءَ دمي الذي يَنهَلُّ من عينَيّ ...
أبصِرْني
انتظِرْني ...
كيف تسبقُني ،
وتتركُني وحيداً في المفازةِ ؟
......................
......................
.....................
يا صغيري نَمْ
تحَرَّرْ
طِرْ بعيداً
واسترِحْ من لعبةِ العبَثِ الطويلةِ ...
نَمْ
ودعني في الجحيمِ !

عَمّان     03.08.1999

اخر تحديث الخميس, 15 أكتوبر/تشرين أول 2015 12:42