ســعدي يوســف ما كان لي أن أحتفي ، هذا الإحتفاءَ ، بِــمَ ؟ لولا رسالةٌ مباغِــتةٌ من : قاســم محمد علي اسماعيل . كنتُ عرفتُ قبل شهرين أو نحوِ ذلك ، أن " قاسم " ذو علاقة بصحيفة " الأخبار " في البصرة ، وقد أثارَ الأمرُ لديَّ إحساساً بالمفارَقة ؛ فما تفاداه الأبُ ، حَيطــةً ، تورَّطَ فيه الإبنُ ، جهاراً نهاراً ! أشكرُ قاسماً ، لأنه دفَــعَ إلى عتبتي ، صندوقاً هو نصفُ قرنٍ من الزمان !
* في 1954 ، في أغلب الظنّ ، نُسِّــبتُ إلى التدريس في متوسطة أبي الخصيب ، ( صارت ثانويةً في ما بَعدُ ) ، وكان محمد علي اسماعيل مدرِّساً فيها . قيلَ لي ، قبل أن آتيَ المكانَ إن الرجل صديقٌ لبدر شاكر السياب ، وإنه فُصِــلَ معه ، وإنه - إضافةً إلى هذا كله – يكتب شعراً جيداً … وألتقي محمد علي اسماعيل : ابتسامةٌ محايدةٌ لا تكاد تغيب . صوتٌ أقربُ إلى الهمس الـمُــوَقَّعِ . ودفءٌ تتحسســه ، لكنك لا يمكن أن تمضي معه طويلاً … أهي الـتَــقِــيّــةُ ؟ تسأله ، فلا يكاد يجيب . إنه يومِــيءُ على استحياءٍ . ثَـمّـتَ إحساسٌ بالعدالة ، والعدل ، والإعتدال لدى محمد علي اسماعيل : شاعرٌ تكتّــمَ على ما كَتبَ . مدرِّسٌ أعطى الدرسَ حقّــه ، ولم يمضِ أبعدَ … " خاروصٌ " مؤتمَــنٌ على حقوق الناس . وأخيراً … إمامٌ في جامعٍ بالفلّــوجةِ ، قبل أن يُــتَــوَفّــى ( لم يكن الأميركيون استعمروا بلدَنا بعدُ ) . أكان محمد علي اسماعيل ، بعد طول طوافٍ ، يسندُ ظَــهره إلى الحائط نفسِه الذي اختاره الرصافيّ ؟ أُمُّكَ ، يا قاسم ، هي ابنة الحاج عمر ، الرجل المجتهد الذي قرأتُ في مسجده رسائل إخوان الصفاء … وأبوك هو محمد علي اسماعيل … شجرةٌ مبارَكةٌ ! لندن 14/10/2004
|