مراسَلاتٌ بين ملوك أوربا والمغول طباعة

هارولد لامبْ

بعد انسحاب باطو وصابوتاي من أوربا في 1242 ، تَنادى ملوكُ أوربا المسيحية ، كي يصدّوا ، بمختلف السُّبُلِ ، غزواً مغوليّاً آخرَ ، ممكناً .

البابا إنوسنته الرابع دعا مجلس ليونز ، لمناقشةِ حماية المسيحية ، مع شؤونٍ أخرى.سانت لويس المتحمسُ أعلنَ أن خيّالة فرنسا سوف يموتون دفاعاً عن المسيحية ، لو ظهرَ " التتر " ثانيةً .

بدأ حملة صليبيةً خائبة في مصر ، وفي الوقت نفسه أرسل قساوسةً ورسائل إلى مغول جنوبيّ الخزر الذين كانوا  تحت إمرة بَيشو خان ، آنذاك .

إحدى بعثاته قدمتْ إلى الخان في قره قوروم ، وكان لها نتائج مسَلِّية .

يذكر جوانفيل ، وهو مؤرخ في العصر الوسيط ،  أن المبعوثين ، قدّموا إلى الخان هداياهم البسيطة . فالتفتَ الخانُ إلى حاشيته من النبلاء ،  قائلاً :

" أيها السادة ،  هاهوذا استسلام ملك الفرنجة ، وهاهي ذي جِزيتُه قد أُرسِلَتْ إلينا . "

غالباً ما كان المغول يحثّون لويس على الخضوع لـ " خان" هِم ، ودفع الجِزية ،  بُغْيةَ الحماية ،كما يفعل الملوكُ الآخرون.

كما نصحوه بمحاربة السلاجقة ، الذين كانوا على حرب معهم ، في آسيا الصغرى.

بعد عدة سنوات ،  أرسلَ  الملكُ لويس ، الراهبَ  الذكيّ روبروكُس إلى بلاط الخان ، لكنه أوصاه بألاّ يقدم نفسَه باعتباره مبعوثاً ، وألاّ يسمح بأن تعتبَر رحلتُه خضوعاً للمغول ،  من جانب ملِكِ فرنسا.

من الرسائل التي تلقّاها لويس من المغول ما يشير إلى أن بين المغول مسيحيّين كثاراً .

" جئنا بحُكْمِنا ، وقوّتِنا ،  لنعلن تحرير المسيحيّين من دفع الجزية في ديار المسلمين ،  وأن المسيحيّين يجب أن يعامَلوا بكل شرف واحترام  . لا أحد سوف يمسّ ممتلكاتِهم بسوء  ، أمّا الكنائس التي هُدِمتْ فلسوف تُبْنى ، ويُسمَح لنواقيسِها بأن تُقرَعَ " .

حقاً ، كان لإيلخانات المغول في فارس ، زوجات مسيحيّات ، كما أن من المسيحيّين الأرمــــــــــن مَن كانوا وزراءَ لديهم .فلول الصليبيّين الذين كانوا في فلسطين قاتَلوا ، أحياناً ، في صفوف المغول . أرجون الإيلخان أعاد بناء كنائسَ كانت هُدِمت في حروبٍ سابقة .

أحد المسلمين كتب أن هولاكو في العام 1259 أصدرَ أمره في عموم سوريّا  ، أمرَه القائل :" لكل طائفة الحقُّ في ممارسة عقيدتها علانيةً ، ويتعيّنُ على كل مسْلمٍ ألاّ يعترض . في ذلك اليوم لم يبْقَ مسيحيٌّ واحدٌ من العامّة إلاّ وأعلنَ ابتهاجَه " .

مهما كان مَيلُ المغول إلى المسيحيّين في فلسطين ، فمن الممكن القولُ إن المغول كانوا يرغبون في أن تساعدهم الجيوشُ الأوربية ضد المسلمين .كما أن المغول أرسلوا في العام 1274 بعثةً من ستة عشر رجلاً إلى البابا ، وإلى إدوارد الأول ملك إنجلترا ، الذي أجاب بلُطْفٍ على الرسالة ، لأنه لم يكن يعتزم إرسال حملةٍ إلى أورشليم :

" لقد لاحظنا تصميمكم على استنقاذ الأراضي المقدسة من أيدي أعداء المسيحية ، ونحن ممتنّون لذلك ، وشاكرون . لكننا غير قادرين ، في الوقت الراهن ، على أن نقدم لكم أخباراً أكيدةً عن وقت بلوغِنا الأراضي المقدسة " .

*

أرسل البابا مبعوثين آخرين إلى بيشو عند الخزر ، وقد غضبَ المغول غضباً شديداً لأن المبعوثين كانوا يجهلون إسمَ الخان .

كاد بيشو أن يذبح وفد القساوسة ، لكنه عفا عنهم في اللحظة الأخيرة باعتبارهم مبعوثين  ، وأرسل رسالة غاضبة إلى البابا ، جاء  فيها :

" إنْ شئتَ أن تحكم البرّ والبحرَ ، نيابةً ، فعليك أن تأتي طائعاً ، أمامَ مَن أقاليمَ الأرضِ بأسْرِها " .

ترجمة : سعدي يوسف

تمّت الترجمة بلندن في 19.12.2016