ليلى والثلج ... ليلى والذئب ... |
سعدي يوسف رواية كفى الزعبي ( الأردنيّة ) ، الصادرة ، مؤخراً ، عن " دار التكوين " الدمشقيّة في طبعةٍ ثانيةٍ ، هي عملٌ ذو طموح : عديد الصفحات يكاد يبلغ الستمائة ، وعديد الشخصيّات الأساسِ يبلغ السبعَ ، والزمن الذي تستغرقه الرواية هو في حدود عشرٍ من السنين ، أي المدّة التي بدأت بمجيء " ليلى " مبعوثةً من الحزب الشيوعيّ الأردني ، لتدرس الطبّ ، فالتخصّص ، في موسكو ، وتنتهي بعودة ليلى إلى بلدها . قلتُ إن متابعة الشخصيّات السبع ( كلُّها أساسيٌّ ) اقتضت من الكاتبة جهداً فائقاً . ليس سهلاً على رواية ، وإن بلغت صفحاتُها الستمائة ، أن تتابع مصائر كلٍ من : مكسيم نيكولاييفتش ، لودميلا ( لودا )، غالينا ، رشيد ، أندري ، ناستيا ، وأخيراً : ليلى الأردنيّة . والحقُّ أن صبر الكاتبة على رسم الشخصيات ومتابعتها ، كان واضحاً لأي قاريء رواية خبير خبرةً ما . لقد مرّتْ لودميلا ( لودا ) وهي الأقرب إلى قلب الكاتبة ، بتحوّلاتٍ شتّى ، قاسية ، ومؤسية ، حتى انتصرتْ شخصاً ورمزاً . الكاتبة لم تتعجّل الأمور بصدد لودميلا ... لقد انتظرت كفى الزعبي ، حتى الصفحة الأخيرة ، لتعلن انتصار لودميلا على الخراب المحيط المحبِط . والأمرُ ، ذاته ، جرى مع رشيد ، مسؤول المنظمة الحزبية ، الذي استحالَ تاجراً ... لقد نجحت الكاتبة في التمهيد الطويل لنهايته الفاجعة : الانتحار . ربما كان أندري الشخص الذي حظِي باهتمام مماثل ، حين أضفت الكاتبة ، غلالةَ حنانٍ عليه ، حتى وهو ضائع في لنينغراد التي لم تَعُدْ لنينغراد : اسمها بطرسبورغ ، وتمثالها بطرس الأكبر ، لا فلاديمير إيليتش لينين . * نادرةٌ هي الروايات العربية التي تدور أحداثُها في ما كان الإتحاد السوفياتي . غائب طعمة فرمان فعلَ ذلك لكن شخصياته عراقيةٌ كلُّها . أحياناً نجد لدى برهان الخطيب استرجاعات عن حياته الموسكوفيّة . لكن كفى الزعبي ، ثبّتتْ ، بقوّة ، وجدارة ، أنها كتبتْ رواية جيدة عن مكانٍ نادرٍ ، رفقةَ شخصياتٍ سبعٍ ليست بالمسطّحة ، أو العابرة . وممّا يثير الإعجاب أن الكاتبة أستطاعتْ أن تقود بمهارةٍ ، سفينتَها ، في بحارٍ هائجةٍ ، هي تلك السنوات المريرة التي أعقبت انهيار الإتحاد السوفياتي ، والحُلم الشيوعيّ . * تعود كفى الزعبي إلى عمّان ، لترى أباها الشيوعيّ ، متديِّناً . في أحد الأيّام ، أدّى ، مع جماعته ، صلاةَ استسقاءٍ . لكن المطر لم يأتِ . * أهكذا إذاً ؟ الحلم الشيوعيّ لم يتحققْ . والمطر لم يهطِلْ ! لندن 04.03.2016
|