حول مخيّمٍ قرب الرُّبع الخالي |
|
سعدي يوسف في كتابة سابقةٍ تحدّثتُ عن ارتطامي الأوّل بتخوم الرُّبعِ الخالي ، عن البدوية سالمة ، التي عرفتني بعد خمس عشرة سنةً من غياب ... وكذلك عن مكثي ثلاثة أيامٍ ( مدة ضيافة البدويّ قبل السؤال عن الغرض ) في مخيّم " ألف ليلة " . والحقُّ أنني لم أتحدّثْ عن المخيّم نفسِه. ربّما أدباً. أو رغبةً في وقتٍ ما أصلحَ للحديث . ربّما لأستعيدَ انطباعاً هارباً. أو لأنني فضّلتُ أن أكون خارجَ عُمان كي أغدو أكثرَ سلاسةً وحريّةً في الكلام .
* عندما أشرفْنا على دخول المخيّم ، شعرتُ برجفةٍ خفيفةٍ . رجفةٍ من انطباعٍ ذكّرني بمعسكر اعتقالٍ نازيّ رأيتُه في أوشويتز البولنديّة . لِمَ كان ذلك؟ هناك المنزلان العاليان : الكابو كومّاندر الألمانيّ يشرفُ من عَلُ على المعتقَل . الخيامُ مصطفّةٌ مثل ردهات المعتقل الألمانيّ. المأكلُ مثل مطابخ الجنود والأســرى. عليك أن تأخذ دوراً كجنديّ أو سجين . وهناك خدمٌ آسيويّون ، مثل أرقّاء الجيش الألمانيّ وأســراه يخدمون الطاعمين . مثل السجن الألمانيّ. وفي المساء يأتي البدو بالطبل والنساء المستضعفات ، مرفِّهين عن الأســرى الذين لا يعلمون أنهم أســرى. لا شــراب في المكان. . * أحياناً أتخيّلُ أنني سوف ألقى دراكولا. ولربما شربتُ معه كأساً مهرّبةً إلى هذا المعتقل. * بعد ثلاثة أيّام ( مدّة ضيافة البدوي ّ ) تركتُ مخيّم " ألف ليلة " هارباً ، وقد مُلِئتُ رعباً . خلّفتُ في اندفاعتي الكابوسية ، جوان ، التي جاءت معي . هل تركتُها مع دراكولا؟ ربما . لأنني بعد أن رأيتُها في مَسقَط ، كانت كائناً آخر . حمداً لله . لقد نجوتُ بنفسي . لندن 06.03.2011
|
اخر تحديث الأحد, 06 مارس/آذار 2011 18:28 |