مُـراجَـعــةٌ أم مُـحـاكَــمــةٌ طباعة

ســعدي يوســف
ماركو برودكا ( عضو مجلس الشيوخ الإيطاليّ ) ،  وماركو كاباتو ( عضو البرلمان الأوربي ) ، نشرتْ لهما صحيفة " الإنترناشنال هيرالد تربيون " في عددها  الصادر يوم 21.07.2008 ،  وعلى الصفحة الخامسة ، حيث البريد ،  رسالةً مشتركةً  ، عنوانُها " إعادة التفكير في حرب العراق " Rethinking the Iraq war
يدعو الرجلانِ إلى بلوغ صورةٍ شاملةٍ لِما خلّفه قرارُ الحرب على صدّام حسين ،  ويريان أن هذه الصورة ستكون أوسعَ مجالاً ، بتمحيص الخيارات المختلفة التي كانت مطروحةً في المكتب   البيضويّ ( بالبيت الأبيض ) بين أيلول 2002 وآذار 2003 .
يُبدي الرجلانِ اهتماماً بما نشرتْه صحيفة " إلبايِس " الإسبانية  في أيلول 2007 ، من وقائعَ لاجتماعٍ عُقِدَ في كروفورد  بتكساس ،  بين جورج دبليو بوش ، وخوزيه ماريا أزنار رئيس الوزراء الإسباني آنذاك .

وردَ في هذا الإجتماع خيارُ إسقاطِ صدّام حسين  وإرساله إلى المنفى ، وهو سيناريو أيّدتْه دولٌ عربيةٌ  ، ووافقَ عليه صدام حسين نفسُه ،  مُطالِباً بمبلغٍ قدرُه ألف مليون دولار ، أي ( مليار دولار ) .
لكنّ بوش اتخذ قراراً آخرَ مختلفاً .
يقول ماركو برودكا ، وماركو كاباتو :
لو تمّ ذلك الخيار ( أي نفي صدام حسين ) ، لأمكَنَ ، أوّلاً ، تفادي التدخل العسكريّ ،  ولتهيّأتْ ظروفٌ  لتشكيل حكومةٍ مؤقتة تحت إشراف الأمم المتحدة ، تتولّى بناء مؤسساتٍ ديمقراطية ، تفتح السبيلَ ، تدريجاً ، أمام البلد ، للممارسة الديمقراطية .
أمّا الآن ، فالديموقراطية ، ليست هشّةً ، في العراق فقط ،  بل هي كذلك في الشرق الأوسط بأكمله .
الديموقراطية لم تَعُدْ بالغةَ الجاذبية .
الأمر بالضدّ من ذلك تماماً ، فالناس يرونَ أنها نتيجةٌ جانبيةٌ لاحتلالٍ عسكريّ ،  من جيشٍ أجنبيّ .
هكذا  ينهي صاحبا الرسالةِ رسالتَهما ، مبدِيَينِ استعدادَهما للعمل في أي لجنةٍ لتقصّي الحقائقِ حول السلوك الأميركيّ في العراق .
*
السلوك الأميركيّ في العراق ؟
كم هو مهذّبٌ هذا التعبير !
هيروشيماتُ العراق الثلاثُ  ... أيمكنُ أن يحتوي هولَــها  تعبيرٌ كهذا ؟
*
لكن لِـمُـشَــرِّعي أوربا لغتَهم الماكرة ، حمّالةَ الأوجُهِ .
مراجعةُ السلوك الأميركي في العراق قد تستدعي محاكمةَ هذا السلوك ، حتى في ضمنيّةِ التعبير .
*
على أي حالٍ :
لقد فزِعتُ حقاً ممّا أوردَه الرجلان من شــرطٍ لصدّام حسين مقابل التخلي عن السلطة .
هل العراق وأهله رخيصانِ إلى هذا الحدّ لدى الرجل ؟
ألف  مليون دولار فقط لبيع البلاد والعباد !
*
رخيصٌ طلبَ رخيصاً !

لندن  22.07.2008