لماذا نقرأ لـــكَ ؟ طباعة

ســعدي يوســف
امرؤٌ ينْظِمُ الكَـلِمَ  ، شــاعرٌ اصطلاحاً ، آنَ غيابِ المصطلَح  ، أو  امرؤٌ يكتب ، آنَ الكتابةُ عائمةٌ غائمةٌ ...
هذا الشخص ،  غيرُ الـمُسَـمّى ،  والذي سيظل غيرَ مسَمّى  بالرغم من كل شــيء ، قال لي في أحد الأيام شاكياً باكياً :
الناس  لا يقرأونني . طبعتُ ديواني الأخير  ، لكنه مكدّسٌ ،  وقد أخبرني الناشــرُ أن الناس في المعارضِ يُعْرِضون عنه فيُضطَرّ ، أي الناشــر ، إلى دفع أجور الشحن ثانيةً ، ليعود بكتابي إلى المستودَعِ . أخيراً قال لي الناشرُ إنه لن يشحن كتابي  إلى  الـمَعارضِ ...
ماذا أفعلُ ؟
إنها حال الثقافة العربية !
لم تَعُدْ في هذه الأمّة ثقافةٌ .

*
أقول للرجلِ الآنَ  ،  لا وقتَ الحديث الأوّل :
 لِمَ أنتَ مستغرِبٌ ممّا جرى لكتابك ؟
الناسُ على حقٍّ  .
ألم تعرفْ ، حتى  اليوم ، ما جرى لك أنتَ  ؟
*
قبل خمسة عشر عاماً ، حين كان المستعمِرون يحومون حول وطنك ، بُغْيةَ إعادةِ استعماره ،  اشتغلتَ معهم في صحافتهم ...
وحين وضعوك على قائمة الرواتب ، شعرتَ بسعادةٍ قُصوى .
وإذ أسّســوا  إذاعتَهم ومحطة تلفزتِهم  الموجّهتينِ  إلى بلادك تمهيداً لاحتلالها ، كنتَ  هناك ، تُدَرَّبُ  على الخيانة .
مع طائراتِ المحتلّين الأولى دخلتَ .
وبين الأصواتِ القذرةِ الأولى كان صوتك .
وأنت ، حتى اليوم ، بعد الجرائم كلها ، والقتل كله ، لا تزال مع الاحتلال ...
ركلوك من العمل ، إلاّ أنك لا تزال تتبعهم ، كما يتبعُ المضبوعُ الضَّبُعَ :
لا تتركْني يا أبي ...
والضّبُعُ ماضٍ في سبيله ، يتبوّلُ على المضبوع ...
والمضبوعُ يتوسّل :
لاتتركْني يا أبي !

*
أيُّ وحشٍ معكوسٍ  أنت ؟
*
ثم تأتيني  لتلوم الناسَ .
تلومهم لأنهم رفضوك ، رفضوا أن يقرأوك ...
تقول إن ثقافةَ أُمّةٍ ، أمستْ غلطاً !
يا لَبؤسِكَ !
*
وأقول للقارئ :
لم أفْتَئِتْ على أحدٍ . لم أختلِقْ شخصاً أو شخصيةً . لكنني أحتفظُ بالاسم تَعَفُّـفـاً .
ومن يدري ؟
لعلّكَ ، يا قارئي العزيز  ، تُفصِحُ أنت عن اسمٍ أو أســماء !

لندن 27 .04 .2008