ســعدي يوســف امرؤٌ ينْظِمُ الكَـلِمَ ، شــاعرٌ اصطلاحاً ، آنَ غيابِ المصطلَح ، أو امرؤٌ يكتب ، آنَ الكتابةُ عائمةٌ غائمةٌ ... هذا الشخص ، غيرُ الـمُسَـمّى ، والذي سيظل غيرَ مسَمّى بالرغم من كل شــيء ، قال لي في أحد الأيام شاكياً باكياً : الناس لا يقرأونني . طبعتُ ديواني الأخير ، لكنه مكدّسٌ ، وقد أخبرني الناشــرُ أن الناس في المعارضِ يُعْرِضون عنه فيُضطَرّ ، أي الناشــر ، إلى دفع أجور الشحن ثانيةً ، ليعود بكتابي إلى المستودَعِ . أخيراً قال لي الناشرُ إنه لن يشحن كتابي إلى الـمَعارضِ ... ماذا أفعلُ ؟ إنها حال الثقافة العربية ! لم تَعُدْ في هذه الأمّة ثقافةٌ .
* أقول للرجلِ الآنَ ، لا وقتَ الحديث الأوّل : لِمَ أنتَ مستغرِبٌ ممّا جرى لكتابك ؟ الناسُ على حقٍّ . ألم تعرفْ ، حتى اليوم ، ما جرى لك أنتَ ؟ * قبل خمسة عشر عاماً ، حين كان المستعمِرون يحومون حول وطنك ، بُغْيةَ إعادةِ استعماره ، اشتغلتَ معهم في صحافتهم ... وحين وضعوك على قائمة الرواتب ، شعرتَ بسعادةٍ قُصوى . وإذ أسّســوا إذاعتَهم ومحطة تلفزتِهم الموجّهتينِ إلى بلادك تمهيداً لاحتلالها ، كنتَ هناك ، تُدَرَّبُ على الخيانة . مع طائراتِ المحتلّين الأولى دخلتَ . وبين الأصواتِ القذرةِ الأولى كان صوتك . وأنت ، حتى اليوم ، بعد الجرائم كلها ، والقتل كله ، لا تزال مع الاحتلال ... ركلوك من العمل ، إلاّ أنك لا تزال تتبعهم ، كما يتبعُ المضبوعُ الضَّبُعَ : لا تتركْني يا أبي ... والضّبُعُ ماضٍ في سبيله ، يتبوّلُ على المضبوع ... والمضبوعُ يتوسّل : لاتتركْني يا أبي ! * أيُّ وحشٍ معكوسٍ أنت ؟ * ثم تأتيني لتلوم الناسَ . تلومهم لأنهم رفضوك ، رفضوا أن يقرأوك ... تقول إن ثقافةَ أُمّةٍ ، أمستْ غلطاً ! يا لَبؤسِكَ ! * وأقول للقارئ : لم أفْتَئِتْ على أحدٍ . لم أختلِقْ شخصاً أو شخصيةً . لكنني أحتفظُ بالاسم تَعَفُّـفـاً . ومن يدري ؟ لعلّكَ ، يا قارئي العزيز ، تُفصِحُ أنت عن اسمٍ أو أســماء ! لندن 27 .04 .2008
|