ســعدي يوســف الأنباءُ التي تَبْـلغُني ، شخصياً ، من مدينة الثورة ، ببغداد ، مُقْلِقةٌ حقاً . آخر رسالة تلقّـيتُها كانت من رجلٍ لا أعرفه ، سقط صاروخٌ أميركيٌّ على مقرُبةٍ من منزله . يقول لي هذا الرجل إن الصواريخ والقذائف الأميركية تستهدف المدنيين المكشوفين . الرجل ليس مناصراً الصدرَ وجيشـَـه ، ومن هنا يؤخَذ كلامه مأخذاً موضوعياً . هل الأميركيون مستعجلون إلى هذا الحدِّ في محاولتهم إخضاعَ العراق ؟ هل يشعرون بأن الوقت سلاحٌ صارَ يعمل ضدَّهم ؟ بالأمس تعرّضت مدينة البصرة ، واحة المدُن ، لأعنف قصف مدفعيّ ، ولأشدّ الغارات الجويّة ضراوةً .
نفّذَ الأميركيون والبريطانيون تلك المجزرة . والمجزرة متواصلةٌ حتى الآن ، بدعوى " القبض على المطلوبين " . دَورُ مدينة الثورة حلَّ : الخطط الموضوعة منذ زمن ، وأعمال الاستطلاع التي كانت مستمرةً ، توضَع مستلزَماتُها موضع التطبيق هذه الأيام . المسألة ، في مدينة الثورة ، أبعدُ من عملية اقتحام . الاقتحام حصلَ منذ وقتٍ طويلٍ . الآن حلَّ موعدُ الدمارِ الشاملِ . حلَّ موعدُ الإجهازِ على المدينةِ ، بِـنْــيــةً وبشــراً . حلَّ موعدُ إبادةِ هذه القبيلةِ الهندية الحمراء ، التي تجرّأتْ على رفعِ السلاح في وجه المستعمِرِ الأبيض . والصمتُ مطْبِقٌ ! الساسةُ ، داخل العراق ، وخارجه ، صامتون . الكتّاب والفنّانون العراقيون صامتون . الصحافيون صامتون . الله ، صامتٌ أيضاً . لا أحد يُكَــبِّرُ انتصاراً لمدينة الثورة المستباحة . لندن 24.04.2008
|