الاستنكارُ هو أضعفُ الإيمان طباعة

ســعدي يوسـف
منذ أصدرَ مجلس الشيوخ الأميركيّ ، قرارَه ، بتقسيم العراق إلى ثلاث مستعمرات ،  تصاعدتْ موجةُ استنكارٍ ، عامّـةٌ  بل واســعةٌ ، حتى  لقد بلغتْ أمواجُها جانبَ الجواسيسِ المحليين الـمُـنَـصَّبينَ حكّاماً بالنيابة  ، وشواطىءَ التافهين الذين عيّنَهم بول بريمر  في برلمانه العجيب ...
الأمرُ ، إذاً ، يعني أن قرار مجلس الشيوخ مرفوضٌ ، مستنكَـرٌ ، محليّاً .
لكنْ ، من الناحية الواقعية : ما قيمةُ هذا الرفض ؟
ألم يرفض الشعبُ الفلسطينيّ قرارَ التقسيم ؟

*
إن التقسيم  ، الذي ، دعمَه قانونياً ، قرارُ مجلس الشيوخ الأميركي ّ ،  هو فعلٌ قائمٌ على الأرض ، فعلٌ يكتسبُ يومياً قوّةَ الأمرِ الواقع  ، وليس مستبعَداً أن يحظى بتأييدٍ شعبيّ ساحق إذا أُجرِيَ استفتاءٌ تحت حراب الاحتلال ، وبمباركةٍ من رجال الدين الخوَنــة والأحزاب  .
أمّا  " السياسيون " الذين يطْلقون تصريحاتٍ خجولةٍ ضد التقسيم ، فلسوف يؤيدونه إذا جدَّ الجِــدُّ ، كما فعلوا في السابق .
نواب بريمَر سيفعلون ذلك أيضاً ، مثل ما سوف يصوِّتون لصالح  مشروع القانون الذي يسلِّـم ثروة العراق البترولية إلى الاستعمار وشــركاته الكبرى .
*
الاستنكار ليس مُلْــزِماً  .
قرارُ مجلسِ الشيوخِ مُلزِمٌ ، لأنه قرارُ المحتلّين .
*
ما العملُ ، إذاً ؟
أرى أن التوصّل إلى نواةِ إجماعٍ وطنيّ ، من لَـدُنِ أطرافٍ وشخصياتٍ عراقيةٍ نظيفة ، هو الخطوة الأولى .
هذه النواة تأخذ على عاتقِها تنفيذَ برنامجٍ واسعٍ من المساعي والعلائق ، محلياً ، وعربياً ، ودولياً ، بُغْيةَ إحباطِ المشروع
وإقامة المشروع الوطنيّ البديل .