حصار " نهر البارد " : حكومةٌ للإيجار طباعة

كتابة : راني أميري
ترجمة وإعداد : سعدي يوسف
بينما دخل حصار مخيم " نهر البارد " أسبوعه الثالث ،  وُضِعت أخيراً ،  القطعة الأخيرة  من هذه الأحجية في موضعها . وعلينا أن نشكر إدارة جورج بوش نفسها ، على حلّ هذه الأحجية ،  ونشكر أيضاً  العربية السعودية والأردن ومصر .
كان الأمر لُغزاً حقيقياً في البداية :
لقد جيءَ بسلفـيي فتح الإسلام ،  إلى لبنان  ( أو أُطلِقوا من سجونهم )  بإشراف حكومة السنيورة ، وأموال سعد الحريري .
وقد وثّقَ سيمور هيرش ذلك جيداً  . الحريري المنافق ، الذي قد يلوم السوريين حتى لو كان شايُه فاتراً ،  استغلّ المناسبة أيضاً ، في هذا الاتجاه .
إن كان المتطرفون المسلّحون جيداً  ، استُدعوا إلى لبنان من طرف شركة السنيورة والحريري  ، فما سبب الوقوف ضدهم الآن ؟
إن كان قُصِد منهم أن يواجهوا حزب الله ، فما الذي أدّى إلى الصدام الحاليّ ؟
ليس مصادفةً  ما حدث بعد فترة قصيرة  من الاشتباكات مع الضيوف الثقلاء  ، إذ لم تتردد الولايات المتحدة وحليفاتُها العربيات في إرسال ( أو وعدٍ بإرسال ) أسلحة وذخيرة متطورة إلى الحكومة اللبنانية ،  لمواجهة حضور " القاعدة " هناك .
وعلينا أن نتذكّر أن أيّاً من هذه الحكومات لم ترفع إصبعاً  لإيقاف الهجوم الإسرائيلي على لبنان الصيفَ الماضي ،  ولم تطلب من الولايات المتحدة حتى إصدار نداء بوقف إطلاق النار . كانوا ، هم أيضاً ، يريدون القضاء على حزب الله .
وهكذا ، فما لم تحققه إسرائيل ، السنة الفائتة ، سيتحقق الآن من الداخل .
في كل من لبنان والعراق ،  يكمن الحلّ في إثارة الفُرقة بين أبناء الشعب لإشعال حربٍ أهلية . الحرب الأهلية قائمة ، بالفعل ، في العراق . وإن لم تكن إسرائيل قادرة على تحييد حزب الله قُبَيل ضربة أميركية على إيران ،  فيبدو أن محاولة  لتعريق الوضع اللبناني تأخذ مجراها الآن .
متى تبنّت حكومة السنيورة هذا الخيار ؟
ربما في العام الماضي ، بعد أن شوهد السنيورة باكياً في التلفزيون حول الحرب ،  ولكن بعد أن كان عانقَ كوندوليزا رايس عناقاً مخجلاً أثناء الحرب .
إن لـ " فتح الإسلام "  والجماعات المماثلة  فائدة مزدوجة  لدى السنيورة وشركته : حضور راديكاليّ سُـنّيّ للتحريض ضد حزب الله ،  بينما تحصل الحكومة ، تحت ستار مواجهة الخطر الجديد ، على مزيد من الأسلحة التي يمكن استخدامها في المهمات القذرة .
لكن اللبنانيين ليسوا من الغفلة بحيث يقعون في الفخّ الذي كانوا فيه من قبلُ . ولن يُستفَزّ حزب الله فيرفع السلاح ضد أبناء وطنه .
إلاّ أن الولايات المتحدة وإسرائيل والدكتاتوريات العربية ، تريد أن تقوم بهذه المحاولة  ، بُغْـيةَ تحييد الجبهة اللبنانية قبل الاستدارة على إيران .
لقد برهن فؤاد السنيورة ، و سعد الحريري ، ووليد جنبلاط ،  بلعبتهم الوسخة هذه ، أن الحكومة اللبنانية ، هي حكومةٌ للإيجار حقاً .