سعدي يوسف ما كنتُ لأسمِّيَ أحداً ممّن ينتسبون ، حقاً أو باطلاً ، إلى الثقافةِ ، وأضعه في موضعٍ شائنٍ ، لولا كلامٌ لا يمكن للمرء السكوتُ إزاءه . أنا أفهم أن يكون الساسةُ أنذالاً ، خونةً ، ولصوصاً محترفين ، فهذه هي طبيعتُهم منذ ابتُذلت السياسةُ كأهلها . لكني حين أجد المثقف ينحطّ إلى ما دون السياسيّ المنحطّ أساساً ، ويتماهى معه ، ويلعق حذاءه ، لا أتردّد في التسمية ، صريحةً واضحةً . وقد حدث هذا آنَ سمعتُ الكلامَ وقرأتُه . الكلامُ ، أكيداً ، ليس اختلاقاً مني ، بل هو صادرٌ عن فاضل ثامر ، عن شخصٍ يتحدّث باسم اتحادٍ للأدباء في العراق ، ويشكر مَن تكرّمَ بمنح الاتحاد المذكور ، أو غير المذكور ، مبلغ مائة ألف دولارٍ ، لإقامة " الــمربد " ... تُرى ، مَن تكرّمَ بالمائة ألف دولارٍ ؟ إنه المرابي التافهُ في السيدة زينب ، بدمشق ، نوري المملوكي ، البغلُ الممتطَى ، خائنُ البلاد والعباد ، والمجرمُ بحقّ الشعب العراقيّ ، النكرة الذي لم يتورّعْ عن أي موبقةٍ ، عارُ الحزب الذي اتّكأ عليه ( حزب الدعوة ) ، المخلوقُ الذي لا يمكن للمرء المحايد إلاّ أن يبصق عليه مراراً وتكراراً ، هذا المِسْخ ، يتلقّى الشكرَ من ناطقٍ باسم اتحادٍ للأدباء في العراق ، لأنه قدّمَ هذا المبلغ ( المتواضع جداً مقايسةً بالنهب الرسميّ ) ، كي يقام " المربد " ! أيّ معنىً اكتسبه " المربدُ " طيلة تاريخه غير تكريس الطغيان ؟ اليوم نشهدُ الخزيَ نفسَــه . اليوم ، نعود إلى النقطةِ الصفرِ ذاتها ... كأن " المربد " نهايةُ العالَم ، ومبتغاه الأقصى ! وكأن القائمين بأمر " اتحاد الأدباء " يرون في مربدهم الهديةَ مقدَّمةً إلى رئيس أوزار الاحتلال . ليس عجباً أن يحصل هذا ، فالبائسُ الذي قدّم الشكرَ باسمه إلى المجرم نوري المملوكي في بيانٍ طويلٍ جداً لا يتناسب والمبلغَ الدوانيقي ، كان مع ياسين النصيّر ، مستشاراً لعديّ صدّام حسين في انقلابه على الاتحاد" الشرعيّ " آنذاك ، وفي خدمة عدي صدام حسين ، وثـمّتَ الكثير من أمثـالهما: هؤلاء الذين غدَوا في رمشة عينٍ أعداءَ لصدّام حسين ،كانوا أمضَوا حياتهم التافهة ، في خدمة نظامٍ قدّمَ لهم أكثر ممّا يستحقّون . لقد كانوا مسلّحين بمسدّسات الحماية الشخصية لعديّ صدام حسين . لستُ أدري تحت أي رايةٍ يستظلُّ القائمون على " اتحاد الأدباء " في العراق ؟ أهي رايةُ الثقافةِ الوطنية ؟ أم هي راية الحكومة العميلة ؟ إن كانوا يستظلون بهذه الراية ، حقاً ، فإن من حق الناس جميعاً أن يقولوا لهم : أنتم أدباء الحكومة ! أنتم أدباء الاستعمار والاحتلال ! أنتم خونةُ الثقافة الوطنية ! تُرى ، أيّ مربدٍ هذا ؟ لكن للأمر سابقةً ... فهؤلاء الأوباشُ ، أنفسُهم ، قدموا درعَ الجواهري ، إلى أبو حفصة الجعفري ّ يوماً ما ! ولقد جزاهم الجعفري الوغدُ بما يستحقّون : المزيد من الاحتقار . مَن خوّلهم هذا ؟ هل استأذنوا آل الجواهريّ ، في الأقلّ ؟ ألم يرفّ لهم جفنٌ وهم يسلِّمون الجواهريّ إلى مَن سلَّـمَ وطنَ الجواهريّ إلى المستعمِر ؟ * في البلد المحتلّ ، لا ثقافة إلاّ ثقافة المقاومة . لندن 24.02.2007
|