تفكيك العراق العربي طباعة

 ســعدي يوسـف
 الخبر الذي نُشِرَ في أكثر من وكالةٍ وموقعٍ ، جاء فيه الآتي :
اغتالَ مسلّحون مجهولون ، الشيخ محسن عبد الله التميمي ، أحد الشيوخ البارزين بعشيرة بني تميم في البصرة ، جنوبيّ العراق . حدثت العملية في منطقة العشّار ، حينما كان الشيخ يريد عبور شطّ العرب إلى الضفّة الأخرى خلال جسرٍ . فقد باغتته سيارة شرطة ، وأطلقَ ركّابُها عليه النار .  من جانبٍ آخر ، أُعلِنَ عن حظر التجوال ليلاً في البصرة ، بسبب تهديداتٍ وردتْ إلى المحافَظة ، من قِبَلِ بعض العشائر ، على خلفيّة اغتيال الشيخ .
انتهى الخبر .
آلُ كنعان ، الذين ينتسب إليهم الشيخ القتيل ، هم قومٌ كرامٌ ، من تميم ، سكنوا منذ أجيالٍ وأجيالٍ  ، الجانبَ العراقي العربيّ من شطّ العرب ، وكانوا قبل ذلك ، في أيام شيخ المحمّرة ، الشيخِ خزعل ،يسكنون الجانبَ الآخر أيضاً  من شط العرب الذي صار إيرانياً بعد الحدود الجديدة .
في الجانب العراقيّ العربي من شطّ العرب ، اختاروا مساكنَهم وبساتين نخلِهم ، في " كوت الزّين " ، مقابل المحمّرة " ، خـرّمشهر حالياً ،
كأنهم لم يريدوا أن يفارقوا مرأى الشاطيء الآخر !
وعلى امتداد عهود الحكم في العراق ، ملكيةً كانت أم جمهوريةً ،  ظلّ آلُ كنعان قوّةً شعبيةً مؤثرةً في الحفاظ على عراقية هذا الجانب الداني من شط العرب ، وعلى عروبته .
منازلُهم المفتوحة للضيف ، كانت مَخافرَ تلقائيةً ، وحصوناً من طين العراق .
منطقة أبي الخصيب ، كلِّــها ، تَدين لآل كنعان الذين حفظوا أمنَها وأمانَها عبرَ تاريخنا الحديث .
والبصرةُ أيضاً .
مقتل الشيخ محسن عبد الله آل كنعان ، لم يكن مقتلَ فردٍ .
إنه عمليةٌ حقيقيةٌ ضمن الخطة الجهنمية لتفكيك العراق العربي .

                       لندن 17.12.2006