إلـحاقُ خوزستــان طباعة

كتابة : مايك وِتْـنِـي
ترجمة وإعداد : سـعدي يوسـف
 في أقلّ من أربعٍ وعشرين ساعةً  ، حققت إدارةُ بوش انتصارَينِ مرموقَينِ في الحقلَينِ الداخلي والخارجي . إذ نجح اليميني المتطرف سام أليتو في التغلّب على المعارضة الديموقراطية المتهافتة محققاً تسميته في المحكمة العليا . وبصورة مدهشةٍ حقاً استطاعت الإدارة ( الأميركية ) الحصول على تأييد روسيا والصين لتقديم إيران إلى مجلس الأمن ، مع أن محمد البرادعي قال : " ليس من دليلٍ على برنامجٍ  لأسلحةٍ نووية "  . الاستسلام العجيب لروسيا والصين أجبرَ إيران على التخلي

عن مسعاها إلى مزيدٍ من المفاوضات ؛ وهكذا انقطع الحوار الذي كان يمكن له أن ينزع فتيل الأزمة .
نجاح الإدارة الأميركية هذا ، أنهى الخداع الدبلوماسي ، ممهداً الطريق إلى الحرب .
لا تأملُ الإدارةُ في تأمين الأصوات اللازمة ، في مجلس الأمن ، لفرض عقوبات أو القيام بعمل تأديبي .  إلاّ أن الرحلة إلى مجلس الأمن خدعةٌ لازمةٌ لتأمين غطاءٍ دولي لعملٍ آخر من أعمال العدوان غير المبرر .
لقد مضى الأمر بعيداً  ، وعلينا الآن التركيز على الكيفية التي تنتوي  بها واشنطن تنفيذ خططها الحربية ، ما دامت الحرب حتميةً كما يبدو .
أمّـا اولئك الذين يشككون بإمكان قيام الولايات المتحدة بحرب ضد إيران ، وهي المتورطة حتى الغرق في حرب العراق ، فعليهم ألاّ يتناسوا خفايا استراتيجية الإدارة في الشرق الأوسط .
لا ينوي بوش احتلال إيران .
إن هدفه تدمير المواقع الرئيسة للأسلحة ، وزعزعة النظام ، واحتلال شــريطٍ طويلٍ من الأرض بمحاذاة الحدود العراقية ، يحتوي على 90% من ثروة إيران البترولية .  الهدف النهائي لواشنطن هو إزاحة الملالي وتنصيب عملاء يسوسون الشعب ويتظاهرون بأنهم حكومة ذات صفة تمثيلية . لكن هذا يمكن أن ينتظر . على الإدارة الآن أن تمنع فتح " البورصة الإيرانية " في شهر آذار ( مارس ) ، سوق البترول الحرة هذه التي ستجعل الناس يتخلّــون عن الدولار ، مقابل اليورو الذي ستعتمده البورصة المذكورة . الدولار ورق لاقيمة فعلية  له  إلاّ بكونه أداة التعامل بالبترول .
بوش لن يسمح بذلك .
لقد تحوّل انتباه الإدارة إلى إقليمٍ صغيرٍ جنوبيّ غربيّ إيران ، مجهولٍ لدى غالبية الأميركيين . ومع هذا ، فإن خوزستان ستكون الجبهة القادمة للحرب ضد الإرهاب .
فإن استطاعت إدارة بوش الإندفاع في المنطقة ( بدعوى نزع برامج الأسلحة النووية الإيرانية ) والسيطرة على ثروة إيران البترولية الهائلة ، فإن حلم احتكار بترول الشرق الأوسط سوف يتحقق .
لا غرابة في أن هذه كانت استراتيجية صدام حسين في الثمانينيات حين بدأ العمليات الحربية ضد إيران في حربٍ دامت ثماني سنين . صدام حسين ، آنذاك ، كان فتى الأميركيين الملل ، فلا غرابة إنْ كان تلقّـى الضوء الأخضر للاحتلال من ريغان .
عددٌ من موظفي ريغان يعملون الآن في إدارة بوش ، وبخاصة رامسفيلد وتشيني .
خوزستان تمثل 90% من انتاج البترول الإيراني . السيطرة على هذه الحقول الهائلة سترغِم الدول المعتمدة على البترول مثل الصين واليابان والهند على تكديس الورقة الخضراء بالرغم من الشكوك المحيطة بقيمتها . كما أن إلحاق خوزستان سيمنع إيران من افتتاح بورصتها . وهكذا سيحتفظ الدولار بوضعه المهيمن كعملة احتياط عالمية .
في مقالٍ أخيرٍ لزولتان غروسمان استشهادٌ بما أوردته صحيفة الديلي ستار اللبنانية التي تنبأت بأن " الخطوة الأولى لقوة احتلالٍ ستكون السيطرة علىإقليم خوزستان الإيراني الغني بالبترول ، وتأمين مضائق هرمز الحساسة ، وقطع إمدادات البترول عن الجيش الإيراني ، لإرغامه على الإنكفاء إلى مخزونه الاحتياطي " .
لقد أُطلِقَ على هذه الاستراتيجية اسم " تحريكة خوزستان "  - اصطلاحٌ شطرنجيّ -  ،  ونحن نتوقّع تنويعاً بعد القصف الجوي للمنشآت العسكرية الإيرانية ومواقع الأسلحة . فإن ردّت إيران ، فهناك أكثر من سبب للاعتقاد بأن الولايات المتحدة أو اسرائيل ستردّ بأسلحة نووية لتدمير مواقع تحت الأرض . والواقع أن البنتاغون متلهف لاستخدام السلاح النووي رادعاً لخصومٍ محتمَـلين ، وحفاظاً على العديد الحالي للقوّات بدون اللجوء إلى التجنيد الإجباري .
في الثامن والعشرين من كانون ثاني 2006 أعلن المسؤولون الإيرانيون أنه  " تأكّـدَ لديهم بالملموس تورّط البريطانيين في التفجيرات التي حدثت في مدينة الأهواز الجنوبية خلال الأسبوع "  ، هذه التفجيرات التي أدّت إلى مقتل ثمانية مدنيين ، وجرح ستة وأربعين آخرين .
أهي مصادفةٌ ؟
 
                                                                            لندن 3/2/2006