ســعدي يوســف يصعبُ على الـمرء اعتبار ما جرى في الثلاثين من كانون ثاني 2005 انتخاباً ، لأسبابٍ معروفةٍ جداً . ما جرى كان عملية تصويت ميكانيكية ، تؤشــرُ إلى الـماضي أكثرَ ممّـا تؤشــر إلى الحاضر . والحقُّ أنها تتعامل مع صدّام حسين ، وحقائقه ، لا مع ما استجـدَّ بعدَه . التحالفُ الشــماليّ ( أقصدُ زعماءَه) دفعَ بالمشاعر الشعبية الـغَـرَزِيــة إلى أقصاها : الإنتقام من العرب . ( الأمرُ مبرّرٌ سايكولوجياً وبراغماتياً ) لكنه غير مبررٍ سياسياً ، بمعنى المسؤولية التاريخية .
والتحالف الجنوبي ( أقصدُ زعماءَه) دفعَ بالمشاعر الشعبية الغـرَزية إلى أقصاها : الإنتقام من عهد السنّـة . ( هنا أيضاً يكون الأمر مبرراً سايكولوجياً وبراغماتياً ) لكنه غير مبررٍ سياسياً . هكذا وجد العراق نفسه مصوغاً صياغةً عجيبةً . إنها حالة فقدان التوازن الوطني . زعماء التحالف الشمالي ، ضحّــوا بفرصة كردستان المستقلة ، خضوعاً لسايكولوجية الإنتقام من العرب . ارتضوا البديلَ تغييراً في خرقة قماشٍ تسمّـى العلَـم ، ومنصبٍ " سياديّ " ، كأن العراق ليس بلداً محتلاً إلى أبد الآبدين … وزعماء التحالف الجنوبي ضحّــوا بفرصةِ أن يكونوا الأملَ ، فرصة الموقفِ الوطني المطالب بإنهاء الإحتلال ، خضوعاً لآمال وأعمال المرتزقة من أمثال أحمد الكلب وعادل عبد المهدي وآل الحكيم … التحالف الشمالي ، والتحالف الجنوبي ، وضعا العراق في مهبِّ الريحِ . أليس هذا ما أراده الإحتلال ؟ لندن 14/2/2005
|