أبو إبَـــر … أبو طُــبَــر طباعة

ســعدي يوســف
حين كان أبو طُـبَـر في بغداد
كان أبو إبَـر في لندن …
قصة البائس أبو طُـبَــر التي لـفّــقَــها البعثيون لتفتيش كل مسْــكنٍ ببغداد  ، معروفةٌ الآنَ أكثر ممّـا يلزم .
لكنّ قصة أبو إبَــر  مختلفةٌ نوعاًما .
أبو طُــبَــر كان يقتل بوسيلةٍ  من أدوات الإنسانِ الأوّل ، وهي الطُـبَــر .
أمّــا أبو إبَــر فكان يقتل بوسيلةٍ مستحدثــةٍ  هي إبرةُ الطبيب .
ثمّ أن المدينة التي كان أبو طُــبر يمارس فيها عمله  ، هي مدينةٌ مفتوحةٌ لكل مجرمٍ وغازٍ ومغامرٍ…

 أمّــا أبو إبَــر فكان يمارس عمله ( القتل ) في عاصمةٍ عريقةٍ ، هي أعظمُ عاصمةٍ أوربيةٍ : لندن …
الآنَ ، عليّ القولُ ببساطةٍ : إن أبو إبَــر ، الطبيب القاتل ،  هو إياد علاّوي تحديداً .
معروفٌ أن المجرم إياد علاّوي ارتبطَ منذ وقتٍ مبكِّــرٍ جداً بجهاز " حنين " الصدّامي ّ ، جهاز القتل والتعذيب والإختطاف ،
وقد كوفـيءَ على إخلاصه ، بأن قُــبِـلَ طالباً في كلية الطبّ العراقية  ، وهو الغبيّ ، غيرُ المؤهَّلِ ، وبأنْ زُحِّــفَ من سنةٍ
إلى أخرى  ، حتى خُــرِّجَ طبيباً  …
لم يتعلَّــم الغبيُّ هذا   ، من الطبِّ ، إلاّ  أمراً واحداً :
كيف يزرق الإبَــر …
*
وتمضي الأعوامُ …
ويُــفْــرَزُ إياد علاّوي  مسؤولاً عن محطة لندن لجهاز  " حنين "  .
والحقُّ أن محطة لندن لم تكن مسؤولةً عن الـجُزر البريطانية فقط ، بل أن أذرعها تمتدُّ لتطال أوربا بأسْــرِها .
أمّــا مسؤولية إياد علاّوي في محطة " حنين " فكانت الأمرَ الوحيدَ ذا العلاقةِ بالطبِّ  ، طبّ الجريمة  : زَرْق الإبَــر !
كان الـمعارِضون  يُســتدرَجون إلى السفارة العراقية ، أو الخطوط الجوية العراقية ، وغالباً ما كان هؤلاء شبّـاناً ، بحجة الحوار أو تجديد وثيقة …
وفي القبو ، قبوِ المبنى ، يظهرُ ، بغتةً : إياد علاّوي  ، الطبيبُ القاتل ، مُشْــهِــراً إبرتَــه .
في الغالب تكون الإبرةُ للتخدير :
يوضَــعُ المرءُ الضحيّــةُ في صندوقٍ ،  تنقله إحدى سيارات  السفارة  ، ويرسَــلُ إلى بغدادَ  ،  على طائرة  الخطوط الجوية العراقية  ، بريداً دبلوماسيّـاً !
في بغداد يتمُّ " التعاملُ "  مع البريد : التعذيب  ،  فالقتل ...
المحاكم البريطانية حكمتْ على تشابمان  ، الطبيب القاتل ، بالسجن مدى الحياة .
أمّـا إياد علاّوي ، الذي تنطبق عليه القوانين البريطانيةُ  ،  فما يزال مطلَقَ الســراح ِ …
إلى حينٍ ؟

                           لندن 30/12/2004