1988... كم مضى من الحُلمِ ، كم مضى من العُمرِ ؟ طباعة

سعدي يوسف

قال لي أمجد ناصر ، ونحن في مطار الجزائر العاصمة ، بعد أن سألتُه عن وجهتِنا :

سيأخذوننا إلى أحد فنادق المافيا !

كان الوقت ليلاً .

وكان الجزائريّون ، بخبرتهم الثوريّة ، حريصين على الجانب الأمنيّ .

ونحن  ، أعني أمجد وأنا ، وصلْنا من متاهتَينا الأوربيّتين ، لنشهد ميلاد الدولة الفلسطينيّة .

على أيّ حال ...

*

كان المشهدُ مقدّساً .

ياسر عرفات ( أبو عمّار ) يعلن ميلاد دولة فلسطين .

الإعلان صاغه محمود درويش كما ينبغي أن يصاغَ الحُلمُ .

كنت أضعُ يدي على قلبي خشيةَ أن يقع أبو عمّارٍ في مطَبٍّ لُغَويّ .

الحقُّ أنه لم يلْحَنْ سوى مرةٍ واحدة !

*

كنت أقفُ في الشرفة .

لا يمكنُ للمرء أن يشهد إعلانَ دولة فلسطين ، جالساً .

كنت إلى جانب إدوارد سعيد .

سألتُه في ما بعدُ : هل ذهبتَ إلى بغداد ؟

أجابني : لم أذهبْ . ولن أذهب .

*

بعد أن انفضّ السامرُ ...

أُخِذْنا إلى فندق آخر ، تعصفُ به الريح .

هناك قال لي سليم بركات : أتعرف يا سعدي ... أظنُّنا سنظل هنا إلى الأبد !

*

لكننا عُدْنا .

عدْنا إلى منافينا .

أمّا الفلسطينيّون ، فلم يعودوا ، حتى الآن .

 

لندن 15.11.2017