خريف باريس ... ربيع الأمل طباعة

في الأسبوع الأول من تشرين أوّل ( أكتوبر ) 2007 ، ذهبتُ إلى باريس ، للمشاركة في   "مهرجان خريف باريس " ’ وهو برنامج أنشطة ثقافية  عدّة ، تتوزّع بين السينما والشعر والموسيقى والمسرح ، والندوات ... إلخ

باريس في الخريف ، مثل باريس في الربيع : شمسٌ  وسماء زرقاء وشوارع غنيّةٌ بأهلها . الفرقُ الوحيد هو أن ورق الشجر  هبط من الأغصان ليكسو الشوارعَ وأرصفتَها ذهباً  خفيفاً تتلاعب به النسماتُ

أتاحتْ لي الزيارة أن ألتقيَ محمود درويش بعد قراءته  المسائية في بيت الشعر الباريسيّ . كما التقيتُ في المساء ذاتِه  الصديقَينِ فاروق مردم  ، وإلياس صنبر  مترجم درويش إلى الفرنسية ورئيس تحرير مجلة " دراسات فلسطينية " الصادرة بالفرنسية

زرتُ كذلك ، الرسام العراقي المتوحد نعمان هادي  ، الساكن في الضواحي ، عند غابة فنسان الشهيرة ، حيث المحطة الأخيرة للمترو!

ما كنتُ أريد أن أعلن عن زيارتي

أردتُ أن أستمتع  بذكرياتي ، وأن أُطَوِّفَ في الشوارع والأزقّة التي طال ما عرفت خُطاي ، حتى في أخريات الليل أحياناً...

*

كانت الندوة ثلاثيةً ، سنان أنطون ، كاظم جهاد ، وأنا  ، في قاعةٍ تطلّ على النهر ، قاعةٍ في مركزٍ ثقافيّ

الندوة حول العراق : ذكريات ونصوص

قلت في بداية حديثي إن حضورنا نحن الثلاثة تلخيصٌ حادٌّ  لأزمة  العراق في تاريخه الحديث . سنان أنطون بدأ حياته الكتابية في التسعينيات ، كاظم جهاد بدأ في السبعينيات ، وأنا بدأتُ في الخمسينيات ...

نحن ، الثلاثة ، في المنفى الآن!

أمصادفةٌ أن يحْدثَ هذا ؟

في العام 1258 سقطت بغداد تحت حوافر خيول المغول

في العام 1958  استعاد العراقيون بلادَهم ، وأعلنوا جمهوريّتهم

في العام 1963 أصدر الرئيس الأميركي جون فيزجيرالد كنيدي أوامره بإزاحة عبد الكريم قاسم قتلاً

في العام 2003  احتلّ الأميركيون بلادنا ونصّبوا أسوأ  القومِ وكلاءَ محليين

*

تحدث سنان أنطون عن ظروف هجرته ، وكذلك فعل كاظم جهاد

وقرأنا قصائد

*

في خريف باريس هذا ، شعرتُ بأملٍ ما

شعرتُ بأن ثمّتَ تأنيبَ ضميرٍ

فداحة الجريمة التي تُرتكَب ضد الشعب العراقي ، يومياً ،  لا مثيل لها في تاريخ بني الإنسان المتمدن

لقد شرع الناس يتساءلون...

وعلينا ، نحن بني العراق الأحياء ، أن نقول كلمتَنا

لن يدافعَ أحدٌ عنا ، إنْ لم ندافع نحن أوّلاً عن أنفسنا

لن يرتفع صوتٌ إلى جانبنا إن هادَنّــا الجريمةَ  ومُنَفِّذيها

ليس من شجاعةٍ هنا

لِمَ لا نستجيبُ لغريزتِنا ، غريزةِ الدفاعِ عن النفس ، ونحن مهدَّدون بالإبادةِ  شعباً وهُوِيّةً وكياناً  ؟

*

في خريف باريس ، ربيعُ أملٍ

 

لندن 16.10.2007