إذاً ... ها هي ذي الديمقراطيّة ! طباعة

سعدي يوسف

بعد عامٍ أو نحوه ، من انضمامي إلى حزب العمّال البريطاني ، بقيادة جيريمي كوربِن ،  ودفعي الإشتراك الشهري  منتظماً ( خمسة باوندات فقط )  ، تلقّيتُ ، أمس الأوّل ، بالبريد الملكيّ ، بطاقة العضويّة ،

حمراءَ ، قانيةً .

وكان الناسُ في الحزب استفسروا مني إنْ كنتُ مهتمّاً بأن أكون في مجلس مدينة أو مجلس البرلمان ، فأجبتُ: إنني في الثمانين ، وليست لديّ مطامحُ كهذه .

أنا عضوٌ بسيطٌ في حزب العمّال .

في أيامنا هذه تحضيراتٌ للمؤتمر العام ، ومنافسةٌ على زعامة الحزب بين جيريمي كوربِن ( الزعيم الحاليّ ) وأوِن سْمِثْ ، وهي منافَسةٌ لم تَخْلُ من مراراتٍ ، لكنها مراراتُ المسار الديمقراطيّ  ، في النقاش المفتوح ، واستمارة الاستفتاء ، والاتّصال . منذ ثلاثة أيّامٍ اتّصلَ بي ، هاتفيّاً ، نائبٌ في البرلمان من أنصار أوِنْ سْمِثْ ، مستفسراً عمّا إذا كنتُ أدليتُ بصوتي . أجبتُه : نعم . أدليتُ بصوتي . قال : بالبريد أم على الإنترنت . قلتُ : بالبريد . ولقد صوّتُّ لجيريمي كوربِن . قال : شكراً !

أجبتُه : أنا سعيدٌ بالاتصال ، وأتمنى أن نظلّ على صِلةٍ .

وُجِّهَتْ إليّ الدعوة لحضور المؤتمر المقبل ، لكن الكلفةَ عاليةٌ نسبيّاً ، والطريق طويل . وهكذا اعتذرتُ.

*

كلّما مارستُ العمل السياسيّ الديمقراطيّ ، هنا ، جاءني إغراءُ المقارَنة ؛ لكني أُسارعُ ، مستبعِداً هذا الإغراء َ، إذ ما بين بغداد ولندن ، أنأى من النجمِ .

الديمقراطية سيرورة تاريخيّةٌ ، وليست اختياراً فقط  ، أو أمنياتٍ.

الديمقراطية مُراكَمةُ عوائدَ وقِيَمٍ في بلدٍ حُرٍّ ، غيرِ مستعمَرٍ ، أو مستعبَدٍ .

*

شوهِدَ عبد الله بن المقفّعِ في المسجدِ ، فقال له أحدُهم : ما أتى بكَ هنا ، وأمسِ كنتَ تُزَمْزِمُ في بيتِ نارٍ ؟

( تلميحٌ إلى مجوسيّتِهِ )

ردَّ عبد الله بن المقفّع : كرِهْتُ أن أبيتَ على غيرِ دِينٍ !

*

أمّا أنا فقد انضممتُ، أمسِ، إلى حزب العمّالِ البريطاني، بعد الإنعطافةِ المجيدةِ نحو اليسار التي حقّقَها جيريمي كورْبِنْ .

الانضمامُ سهلٌ؛ جرى عبر جهاز الهاتف الذكيّ

واليوم تلقّيتُ رسالةً بالإيميل من الحزب، ترحِّبُ بانضمامي !

وعَلَيّ أن أذكرَ هنا، أنني صوَّتُ لحزب المحافظين في الانتخابات التي تلتْ احتلال العراق، لأن حزب العمّال بزعامة توني بلَير، كان مسؤولاً عن تدمير العراق .

عليّ أن أذكرَ، أيضاً، أنني كنتُ تقدّمتُ إلىى الحزب الشيوعيّ البريطاني بطلب انتماءٍ،  قــــبــــــل عامٍ أو نحوه، لكني لم أتلَقَّ جواباً، إمّا حذَراً، أو خدَراً، أو لقِلّةِ عاملِين .

*

هكذا إذاً !

عاد حزبُ العمّالِ إلى القبضاتِ العالية، و إلى الرايةِ الحمراءِ خفّاقةً في الساحة العامّةِ، والقاعاتِ والمسارحِ والحانات  ...

عادَ إلى الحياة !

*

ما أتى بكَ هنا ؟

 

لندن 08.09.2016

اخر تحديث السبت, 01 أكتوبر/تشرين أول 2016 12:53