ثقافةُ عراقٍ بينَ سَــيفَـينِ طباعة

بعد سنواتٍ خمسٍ من احتلالٍ يُرادُ له أن يستمرَّ خمسين عاماً ( آنَ ينضَبُ النفطُ ) ، التفتَ الاحتلالُ إلى الإشكال الثقافيّ ، بعد أن خُيِّلَ له أن الإشكالَ العسكريّ لم يَعُدْ على قائمةِ الإلحاحِ .

هكذا ،  انطلقت القوميساريةُ  الثقافيةُ للاحتلال ، ممثَّلةً بدار " المدى "  وصندوقِها المضحك ، الدوانيقيّ ، في محاولةٍ  بائسةٍ ، لإخراسِ الثقافةِ الوطنيةِ ، بثمنٍ  لا أبخسَ منه ،  ثمنٍ  يدُلُّ على الطبع الانتقاميّ  ، والـمُذِلِّ  ، من لَــدُنِ الجاهلِ ، السياسيّ المحترِفِ  ، الذي يتولّى أمورَ " المدى "  ... فخري زنكَنه خائن الشيوعيّة والوطن .

ثمنٍ لم يجرؤْ حتى حكّامُ البلدِ السابقونَ على التلويحِ به .

*

إنه الانتقامُ الصريحُ !

لستُ أدري :

هل الصدَقاتُ هي السبيلُ ؟

*

لكنّ ما فعلتْهُ قوميساريةُ الاحتلالِ الثقافيةُ  ، أعني دار " المدى " ،  كان مُحرِّضاً  لفِعْلٍ مماثلٍ ( لِـصَـدَقــةٍ ) من جانبِ مؤسسةٍ أخرى من مؤسساتِ الاحتلال :

الحكومة .

إذ تَمَّ الإعلانُ عن " مِنحةٍ "  ، ( مَكْرُمةٍ ؟ ) للمثقفين العراقيين ، تقدِّمُها حكومةُ الاحتلال .

ألِـلْـمُؤلَّـفةِ قلوبُهُم شَـرعاً ؟

المنحةُ ، هذه ،  مثل سالفتِها ، دوانيقيةٌ أيضاً ، بل مالكيةٌ بامتيازٍ ، لأن نوري المـــملوكي كان مرابيـاً بـائساً في  " السيدة زينب " من أرباض العاصمة الأموية ، دمشق .

*

ما معنى الأمرِ كلِهِ ؟

ما معنى أن يتّفقَ طرفانِ من خدمِ الاحتلالِ على إجراءٍ واحدٍ ؟

ما معنى أن يعمدَ الطرفانِ إلى مبدأ الرشوةِ والـمَكرُمةِ والصدَقةِ  ؟

*

إنْ كان الحرصُ على المثقفين قائماً ، فَـلِــمَ لا تُعتَمَدُ الصيَغُ المحترَمةُ ؟

لِمَ لا يُشَــرَّعُ ( مثلاً )  ، قانونٌ للضمان الاجتماعي والتقاعدِ يستفيدُ منه المثقفون العراقيون ؟

لِمَ يُكلَّفُ لصوصٌ محترِفون بـ " الإحسانِ " إلى مثقفي العراق ؟

*

أنا أفهمُ الظروفَ القاسيةَ التي انتفعَ منها ، وبِها ، خَدمُ الاحتلالِ ، بُغْـيةَ إحكامِ الطوقِ على المثقفين العراقيين .

أفهمُ ذلك ،

وأفهَمُ أيضاً أن الثقافةَ الوطنيةَ ستظلُّ  تقاوِمُ !

 

لندن 27.05.2008