لَيْتَ ... وهل تنفعُ شيئاً لَيْتُ ؟ |
سعدي يوسف قد كنتُ أوردْتُ أنني كنتُ مهَدْهَداً في عوّامةٍ على النيل يومَ قامت الثورة العراقية صبيحةَ الرابع عشر من تمّوز ( يوليو ) 1958 . مَرَّ ، إذاً ، ثمانيةٌ وخمسون عاماً ، على الثورة التي لم يتبَقَّ منها سوى اسمٍ بلا مُسَمّى : جمهوريّة العراق . *
الحقَّ أقولُ إن ما وقعَ في الرابع عشر من تمّوز ذاك ، كان ثورةً بالفعلِ ، لا بالقول ؛ لقد أُغلِقتْ القواعدُ العسكرية الأجنبيّة ، وأُمِّمَ النفطُ ، وطُبِّقَ إصلاحٌ زراعيٌّ جذريّ ، وسُنّتْ تشريعاتٌ متقدمةٌ من بينِها " قانون الأحوال الشخصيّة " الذي منحَ المرأةَ حقوقاً تليق بامرأة في القرن العشرين ، وبدأتْ عمليةُ تطويرٍ مدروسةٌ للبلد . * لكننا ، نحن العراقيّين ، عرباً وأكراداً ، لم نُحسِن التعاملَ مع الثورةِ وأهلِها . كما أن القوى العربية المؤثرة في الساحة القوميّة ( أعني تنظيمات القوميّين من ناصريّين وبعثيّين ) وقفتْ بعنادٍ ضد ثورة تمّوز العراقيّة . اليسار العراقيّ حاولَ الاستيلاءَ على الشارع . والأكرادُ رفعوا السلاحَ . والقوميّون حاولوا اغتيال قائد الثورة ، الضابط الوطني الشهم ، عبد الكريم قاسم . طفولةٌ ( زَعْرَنةٌ ) سياسيةٌ كان ضحيّتَها الشعبُ العراقيّ . * كان العراق المستقل ، الماضي في طريق التطوّر ، خطَراً على الاستعمار ، وقيادتِه الأميركيّة ، وهكذا أصدرَ الرئيس الأميركي ( المحبوب ! ) جون فتزجيرالد كنَدي ، توجيهاً رئاسيّاً Presidential directive Remove him ! أزِيلوه ! وكان يعني القائد الوطني عبد الكريم قاسم . هكذا تحرّكت الخلايا النائمة . وهكذا نُفِّذَ انقلابُ شباط ( فبراير ) 1963 . * كان ذلك الانقلاب ، بدايةً دمويّةً ، لأحداثٍ لم يشهد العراقُ مثيلاً لها في تاريخه الحديث . لقد شُقَّ نهرُ الدمِ ، وعُمِّقَ مجراه ، مع الأعوام . واليومَ ، يكاد الموت العنيفُ ، الدمويُّ ، يُمْسي المشهدَ اليوميّ المألوف ، في البانوراما العراقية. * بلادُ ما بين النهرَين ، لم تَعُدْ بلاداً . * هل من سبيلٍ إلى الخلاص من حالة الاستعصاءِ ، هذه ؟ هل من سبيلٍ إلى عودةِ العراق ، جمهوريّةً حرّةً مستقلّةً ؟ في مواجهةِ سؤالَينِ وعرَينِ مثل هذَينِ ، علينا العودةُ إلى المنطقِ البسيطِ : العراقيّون مدعوّون إلى العمل المنظَّم . مدعوّون إلى الكفاح من أجل الاستقلال . * في العراق المدوَّخِ بالطلَقاتْ / في العراق الثقيل / في العراق الجميل/ في العراقِ المعارِضِ بالصمتِ والأضرحةْ / في العراقِ الذي جَمّلَ المذبحةْ/ في العراقِ الذي دَوّنَ المذبحةْ /فوقَ بُرْدِيّةٍ / فوقَ سعفِ النخيلْ/ في العراقِ الذليلْ /في العراقِ المُسَمّى / في عراقٍ أُسَمِّيهِ وهما / في عراقٍ نحيلْ / ذاهبٍ في خيوطِ القميصْ /في عراقٍ صغيرْ /ذائب في عروق اليدَينْ / في عراقٍ شفيفْ / ساكنٍ عتمةَ المقلتَينْ /في عراقٍ خفيفْ /دائرٍ في دمي ... أنزعُ ، الآنَ ، في السرِّ ، أوراقَ وردةْ / أتركُ الوخزَ وحدَهْ ثم أمضي إلى آخرِ الكونِ مستنزَفاً بالعراق. 23.06.1981 * يقولُ شاهدُ ألفيّةِ بنِ مالِك : ليتَ وهل تنفعُ شيئاً ، ليتُ ؟ ليتَ شباباً ، بُوعَ ، فاشترَيتُ !
لندن 06.07.2016
|
|||
اخر تحديث الأربعاء, 13 يوليوز/تموز 2016 21:46 |