ولكنْ كما شغلتْ نفسَها بنَحيَيْنِ أختُ بني عامرِ " الجواهري العظيم " طباعة

سعدي يوسف
*
وقَرُبَتْ من هذه الواقعةِ ، واقعةُ ذاتِ النحيَينِ ،  وهي امرأةٌ من بني هُذيل جاءت عكاظَ ،  ومعها نَحيانِ من سمِنٍ تبيعهما ، فأتاها خوات بن جُبَير ( ر ) فأخذ منها نَحْياً ، ففتحه ، فذاقه ، فدفعَه إليها ، فأمسكتْه باليدِ الأخرى ، ثم سعى برِجْلَيها ، فجعلتْ تضطربُ ، ولا تُخْلي رأسَ النحيَينِ ، حتى قضى حاجتَه ، فقالت العرب : أشغَلُ من ذاتِ النحيَينِ .

*
الجواهري كان رئيس اتحاد الأدباء في تأسيسه الأول الفريد .
وكان " الإتحاد " يضمّ العراق كلّه  ، من مهدي المخزومي ، والحبّوبي ، وأنور المائي ، وصلاح خالص ،  وعلي جواد الطاهر .  أنا أيضاً كنت في هيأته الإدارية ، أيّام كان ألفريد سمعان محاسباً دقيقاً .
أردتُ القول إن الإتحاد كان اتحاداً بالفعل ، كان منظمةً وطنيةً ، كان خيمةً شفيفةً .
لم يكن  الإتحادُ  واجهةً حزبيةً .
ومن هنا جاء صموده في وجه الضغوط  .
ومن هنا كانت أمسياته تتألّق بالآلاف الذين يتسلّقون حتى الجدران  ، ويعتلون الأشجارَ ...
تحت نخلة الإتحاد حضر عبد الكريم قاسم احتفاءً بمؤتمرٍ .
*
الآن ...
اختُطِفَ الإتحاد .
أي أنه لم يَعُدْ خيمةً وطنيةً .
كما اختُطِف الحزبُ الشيوعيّ العراقيّ  ، من جانب جواسيس فاسدين ، اختُطِف اتحاد الأدباء .
الآن يتولّى شأنَه أناسٌ بلا شأنٍ .
*
الهجوم الأخير ، كان سبقه هجومٌ آخر ،  والسبب المعلَن :
العرَق !
*
بين العراق والعرَق ، الكثيرُ .
*
الأمرٌ ليس هنا ، بإطلاقٍ  ...
الأمرُ أن الذين أداروا  زوبعةً في فنجانٍ ، متوهِّمين تدويخ الناس بتواقيع  " الشيوعيّين "  المنبوذين ، النابذين ، في المَهاجرِ البعيدةِ ، أقول إن على من أداروا هذه الحملة المضحكة ، دفاعاً عن العرَق ، لا عن العراق ، أن ينتبهوا إلى ما هو أجدى ،  وأكثرُ إلحاحاً ...
ألم يسمعوا بأن هوشيار زيباري  يريد أن " يرهن " نفط البصرة  لدى المستثمرين المستعمرين ؟
ألم يسمعوا بأن العراقَ مستعمَرٌ ؟.
ألم ينتبهوا ، ولو لحظةً ، إلى أن واجبهم الأول ، العمل من أجل عراقٍ مستقلٍّ ، ديمقراطيّ ، حُرٍّ ؟
إن كان اتحاد فاضل ثامر الأبله ، منظمةً وطنيةً ، فعليه أن ينتخي للوطن ، لا أن يتسلّى بموفدٍ من المعصوم بالله فؤاد ، أو بطلعة مهدي الحافظ غير البهيّة ...
لكن هوشيار زيباري  ، من العائلة المقدّسة ، من أولياء النعمة ...
مَن يجرؤ على تعليق الجرس ؟

لندن  22.06.2015