الثقافة البروليتاريّة ( البرولِتْكَلْتْ ) وسِنُّ الذهبِ في العراق المحتَلّ طباعة

سعدي يوسف

بعد مائة عامٍ أو تكاد ، من أطروحة البرولتكلت ، في ثورة أكتوبر العظمى ، يجري تطبيقٌ مهزلةٌ ، لهذه الأطروحة في العراق المحتلّ ، إذ يتولّى سِنُّ الذهب ( مفيد الجزائري ) التافه ، تطبيق الأطروحة الجليلة  ، التي أثارت جدلَها الحيويّ في تلك الأيام  الجميلة من صبوة البشر .
كانت الأطروحة ، راديكاليّةً  :

إن كانت البروليتاريا ، الروسيّة ، تقود الدولة والمجتمع ، فمن حقّ ثقافتها ، الثقافة البروليتارية ، أن تتسيّد .
كان ماياكوفسكي مع الأطروحة .
لينين وقف ضدّها .
قال ما معناه : صحيحٌ أن البروليتاريا تمسك بالسلطة ، لكن للثقافة شأناً آخر . الثقافةُ أوسعُ من أن تتحكّم بها البروليتاريا . الثقافة للناس ، للشعب العريض .
*
لكن العراق  المستعمَر ،  كما بدا  لسنِّ الذهب ، مفيد الجزائري التافه ، صالحٌ لتطبيق البرولتكلْت  !
هكذا ، افتتح نشاطـه كوزيرٍ لدى بريمَر في سلطة الاحتلال ، بأن يكنس ، مع موظفيه المساكين ، نُصْبَ الحرية لجواد سليم !
ثقافةٌ بروليتاريّة !
*
الآن ، بينما قائدُه العجيبُ ، حميد مجيد موسى ، البقرة الضاحكة أبداً ، مشغولٌ عن الوطن والناس ، بتنحيف زهرة الطويلة ،  يَعْمَدُ سنُّ الذهب هذا إلى تطبيق البروتكَلْت !
*
جاءَ ، أوّلاً ، بعامل نظافةٍ  في بلدية برلين ، هو كاردو  ، وكلّفَه الملفّ الثقافيّ !
ثمّ أمرَ فاضل ثامر بأن يلمِّع وجه كاردو المسكين في اتحاد الأدباء .
وهذا ما كان.
فاضل ثامر قدّم كاردو ، باعتباره فناناً خارقاً !
ظلّ كاردو بين شارع المتنبي ، وساحة الأندلس ، واتحاد الأدباء ، ضائعاً  ...
أخيراً
انتفض كاردو !
عاد إلى برلين ، عاملَ نظافةٍ ، نظيفاً ، حرّاً .
*
سنُّ الذهب لم يتعلّم .
ظلّ مصرّاً على ثقافته البروليتاريّة ( البروليتكَلْتْ ) في البلد المستعمَر :
بعد انتفاضة كاردو إزاء الذلّ ، وعودته إلى برلين ، عاملَ نظافةٍ ، نظيفاً بحقّ ( أنا أعرف كاردو جيّداً ) ...
جاء بسائق تاكسي باريسيّ
اسمُه طه رشيد.
وكلّفَه شأن الثقافة في العراق المحتلّ !
برولِتْكَلْت !
مشكلة طه رشيد أن سنّ الذهب يستخدمه ، باعتباره سائق تاكسي ، في اتصالاته ...
هذه الاتصالات التي تشمل الجنسَين !
ثم أن الرجل غير مؤهَّلٍ ...
أنا أعرفُ ، طه رشيد ، جيّداً .
وأظنُّه سينتفضُ ، مثل ما فعل كاردو ، ليعود حرّاً :
سائق تاكسي باريسيّ ...

لندن 14/1/2014