سعدي يوسف كوكتيل الأحزاب والشخصيات العميلة التي شكّلتْ " مجلس الحُكم " ، بُعَيدَ احتـلال العراق في 2003 ، ما زال عنواناً لمستنقع الحياة السياسية في البلد ، حيث تلوب الأفاعي ، متشابكة الرؤوسِ والأذنابِ . وليس قريباً ، العهدُ ، الذي نشهدُ فيه جفافَ المستنقع المسموم . ذلك لأن هذا المستنقع هو الأداةُ الفعلية لاستمرار الاستعمار الأميركي المتسلِّط . الأميركيون لم يلفِّقوا الكوكتيل المسموم ، ليؤخذ جرعةً واحدةً . هذا الكوكتيل يُنَقَّطُ قطرةً قطرةً في الجسدِ العراقيّ ، في عمليّة قتلٍ ، بطيئةٍ ، مستمرّة .
الولايات المتحدة ، ابتدعتْ هذا المسلكَ ، وأبدعتْ فيه ؛ لنأخذ اليابان مثلاً بعد احتلالها في نهايات الحرب العالمية الثانية : استطاع الأميركيون في عمليات معقدّة ، خسيسة ، العثور على " كنوز الجيش الياباني " ، وهي غنائم هذا الجيش من الصين والبلدان الأخرى التي كان الجيش اليابانيّ احتلّها . بأموال تلك الكنوز ، أسّسَ الاحتلالُ الأميركي ، حزباً ، هو " الحزب الديمقراطي الليبرالي " العميل . هذا الحزب ظل يحكم اليابان حتى الآن ! وفي ألمانيا المحتلة ، أسّسَ الأميركيون ، بعد استيلائهم على كنوز النازيّين ، الحزبَ الديمقراطيّ المسيحيّ ، الذي ظلّ يحكم ألمانيا حتى الآن ، باستثناء فترة قصيرة من حكم الإشتراكيين . لكنّ الأرض في العراق ليست سهلةَ التسوية ، كما هي الحال في اليابان وألمانيا ، حيث التجانسُ عميقُ الغور . والرياحُ المتغيّرة ، التي تحمل الرمل والغبار ، تجعل المنظور مشوّشاً ، مشوّه الملامح ، يُخفي أكثرَ ممّا يُظهِرُ . أفاعي مجلس الحـُُـكم لن تهنأ بالسعادة ! لندن 17.06.2013
|